الرياض – وكالات
لم تهدأ منذ ثلاثة أيام الضجة التي أثارها إعلان تكليف الشيخ محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، بإلقاء “خطبة يوم عرفة” لهذا العام في السعودية.
ويقول معارضو التكليف إن الشيخ العيسى يروّج للتطبيع مع إسرائيل، في حين يرى آخرون أن الرجل يمثل “صوت التحديث” وقيم “التسامح والتنوير” و”الإسلام الوسطي”.
وتظهر المنشورات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، العيسى في لقاءات مع قادة أديان مختلفة في مناسبات عدة. وكتب هذا المغرد أن لقاءات العيسى “مع غير المسلمين” جزء من مهام عمله.
في المقابل، يدرج هذا المغرد أسباب معارضته “اعتلاء” الشيخ العيسى منبر عرفة.
ولفت محللون تحدثوا لموقع “الحرة” إلى أن إسناد “خطبة يوم عرفة” للشيخ محمد العيسى ينسجم مع توجه القيادة السعودية لترسيخ ثقافة التسامح والتعايش والانفتاح في العالم الإسلامي.
واعتبر المحلل السياسي مبارك آل عاتي اختيار العيسى “ضربة قاصمة لتنظيمات التطرف، وتأكيدا لاستمرار البلاد في نهج تغيير الخطاب الديني، والوقوف ضد كل من عمل وسعى لتشويه جهود المملكة العربية السعودية في خدمة ضيوف الرحمن”.
الإسلام الوسطي
يقول المحلل السياسي السعودي، تركي القبلان، إن اختيار “الشيخ العيسى لترؤس خطبة وصلاة يوم عرفة لهذا العام، جاء ليؤكد على أن المملكة وفيها قبلة المسلمين تنتهج أسس الإسلام المعتدل”.
وأوضح في حديث لموقع “الحرة” أن “العيسى استطاع خلال الفترة الماضية أن يترجم الإسلام المعتدل على أرض الواقع، في الوقت الذي يسعى فيه متشددون إلى اختطاف الإسلام وإظهاره على أنه دين تشدد”.
وأعاد مستخدمون لشبكات التواصل الاجتماعي نشر صور ومقاطع للشيخ العيسى وهو يؤدي الصلاة في ذكرى ضحايا “المحرقة” خلال زيارته لمعسكر الإبادة أوشفتيس.
واستغرب الكاتب الباحث حسين عبدالحسين “الاعتراض على تعيين خطيب ليوم عرفة بسبب آرائه الوسطية”، متسائلا: “هل البديل إظهار التطرف في الدين الإسلامي؟”.
ومن الاعتراضات أن الحج يخص جميع المسلمين وأن اختيار الشخص لهذا المهمة من حقهم.
يعكس رؤية السعودية
ويؤكد القبلان أن هناك “العديد من الجهات التي تحارب الوسطية في الإسلام، وتريد الترويج له على أنه دين حاضن للتطرف، وهم من يعتبرون الدين وسيلة لتحقيق ما يريدونه”.
وذهب إلى أن “اختيار الشيخ العيسى يتماشى مع رؤية السعودية التي يريدها الملك وولي عهده، بأن المجتمع السعودي سيتصدى لأي توجهات أصولية متطرفة، وأن المجتمع الإسلامي عليه أن يتوحد في صف واحد بالإسلام الوسطي”.
وكتب تركي الحمد، وهو أستاذ سابق للعلوم السياسية في جامعة الملك سعود: “المهم أنه في السعودية الجديدة المتجددة، لا صوت يعلو على صوت التحديث وقيم التسامح والتنوير، فقافلة المستقبل في طريقها تسير..”.
ويلفت الكاتب عبدالحسين أن “الخطباء يعكسون الخط والتوجه الرسمي للدولة بشكل عام، وفي السعودية يعتبر الدين جزءا من المؤسسة الرسمية، ولهذا ما نسمعه على المنبر في المملكة يعكس التوجهات الرسمية بشكل خاص”.
ويرى أن السعودية “عززت من خطابها الوسطي”، بما في ذلك التأكيد على تعزيز “السلام” في المنطقة، والذي قد تكون “إسرائيل جزءا منه”.
من جانبه قال المحلل السياسي، علي رجب لموقع “الحرة” إن “السعودية اختارت الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، تأكيدا على الدور السعودية في قيادة العالم الإسلامي،” مضيفا أنه رغم وجود “تيارات رافضة للمنهج الوسطي داخل المملكة أو حتى في الدول الإسلامية، إلا أن السعودية تعيد إنتاج وتقديم نفسها على أنها تقود تعزيز الإسلام الوسطي حول العالم”.
ودافع الكاتب وحيد الغامدي عن تكليف الشيخ العيسى وقال عبر تويتر “الخطاب الذي يقدمه الدكتور العيسى مربك جدا للذهنية المتطرفة التي ظلت زمنا طويلا تحاول ترسيخ خطاب أحادي يصنع الكراهية والجهل، ويبذر بذور الإرهاب. الأهم الآن هو أن يكون لمنبر عرفة هذا العام انعكاس على كافة المنابر الأخرى”.
وكانت السفيرة الأميركية لمكافحة معاداة السامية، ديبورا ليبستادت، قد أشارت في لقاء خاص مع قناة “الحرة” إلى وجود “تحول سياسي هام في سلوك السعودية تجاه اليهود، قد يؤدي إلى فتح حقبة جديدة مع إسرائيل والولايات المتحدة”.
وقالت ليبستادت: “كان هناك الكثير من مظاهر معاداة السامية في السعودية سابقا، ومشاهدة ذلك يتغير يعد مؤشرا جيدا”.
وأوضحت أن “تغيرات كثيرة تحصل ومن بينها هو تغير التوجه إزاء الأماكن الخاصة باليهود في المنطقة، وبالتأكيد هناك جالية يهودية في المدينة، وأماكن أخرى في الخليج”.
ويزعم هذا المغرد بأن العيسى “يصلي مع البوذيين”.
ويرى المحلل السياسي مبارك آل عاتي أن اختيار القيادة السعودية للعيسى خطوة مستحقة، فـ”الشيخ يتمتع بمكانة علمية تؤهله ليكون إماما وخطيبا متميزا .فهو حائز على مؤهلاته علمية شرعية، يحمل درجتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات القضائيّة المقارنة ودراسات القانون العام -القانون الدستوري. وكان قد ترقى في درجات السلك القضائي لينال درجة رئيس محكمة تمييز، إضافة إلى أنه يحظى بكفاءة عالية اهلته لتولي وزارة العدل عام 2009، وليشغل منصب رئيس المجلس الأعلى للقضاء عام 2012″.