رافد جبوري
تحدث وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو عن ثقته بان بلاده ستبني تحالفا بحريا يضمن امن الملاحة في الخليج العربي بوجه ايران. لكن حديث بومبيو يأتي بعد فشل دبلوماسي اميركي تمثل في رفض المانيا المشاركة في اي جهد تقوده الولايات المتحدة ضد ايران. كما ان لفرنسا قناة اتصال مباشرة مع طهران تمثلت في الاتصال المباشر بين رئيسها ايمانويل ماكرون مع الرئيس الايراني حسن روحاني مؤخرا. اي تحالف بحري مستقبلي لن يخرج كثيرا ان حصل عن كونه تحالفا ثنائيا بين اميركا وبريطانيا مع التنويه بأن بريطانيا مشغولة تماما بازمة داخلية كبيرة معروفة تتمثل في قضية الخروج من الاتحاد الاوربي وعدم الاستقرار السياسي لحكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون مما يفتح الباب امام احتمال حصول انتخابات مبكرة. ورغم رفض لندن لمبدأ مبادلة الناقلة الايراني التي تحتجزها في جبل طارق بالناقلة البريطانية التي احتجزتها ايران فقد يكون ذلك هو الحل النهائي.
كل تلك المعطيات عززت الموقف الايراني فقد ايران احتجزت ناقلة ثالثة في مضيق هرمز في اظهار لسلطتها وسيطرتها على مياه المضيق. كما وكانت الزيارة الاخيرة للوفد الاماراتي لايران والنتائج الودية لتلك الزيارة مع اعلان الامارت انسحابها من اليمن مؤشرات على تراجع الامارات عن نهج المجابهة مع ايران الذي رفعته وما زالت ترفعه السعودية.
كل تلك التصدعات والصعوبات لا تعني ان ايران قد انتصرت ولكنها كما قلنا في مقالات سابقة تملك زمام المبادرة. يعود السبب الاساسي لذلك بان الرئيس الاميركي دونالد ترامب لا يريد الحرب لذلك فهو يقود استراتيجية تشديد العقوبات املا منه في ان يأتي الايرانيون للمفاوضات في موقف ضعيف. وقد كان من اللافت انه ردد مؤخرا ان ايران لا تنتصر في الحروب ولكنها لاتهزم في المفاوضات.يقول ذلك في الوقت الذي يبدو واضحا انه ليس فقط لا يريد الحرب بل لا يستطيع بناء تحالفات دولية حتى من الدول الحليفة لاميركا. لكنه لا يريد ابدا التهدئة وقد سنحت له فرصة لذلك الاسبوع الماضي حينما اتى موعد انتهاء تعليق العقوبات على دول تتعاون مع ايران في المجال النووي السلمي, وقد مدد ذلك التعليق لكنه استبق ذلك بفرض عقوبات على وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف من اجل ان لا تبدو اي بادرة للضعف او التهدئة. اتى ذلك بعد اسابيع فقط من توجيه دعوة الى ظريف لزيارة البيت الابيض في زيارة كانت ستؤدي الى اختراق دبلوماسي وانفراجة كبرى للازمة لكن ذلك لم يحصل لعدم التوافق.
تبقى الازمة مستمرة اذن و تبقى ايران تتمتع بهامش مناورة ومبادرة اكبر في الخليج وفي عموم الشرق الاوسط من غير تهديد اميركي حقيقي لها ولحلفائها لكن ما يؤلم ايران هي العقوبات التي قد تؤدي في النهاية الى ان تقفز ايران الى الامام وتقوم بعمل يسحب ترامب الى دائرة قرار الحرب التي لا يعرف احد الى اين يمكن ان تقود ايران و المنطقة. فقد استفاد النظام الايراني من الحرب العراقية الايرانية فقمع المعارضة الداخلية بوحشية وحصل على تأييد شعبي بسبب الالتفاف حول الوطن في حالة الحرب. لكن ذلك كان تاريخا مختلفا فالقوة الاميركية اقوى بكثير وبامكانها ان تغير الحقائق على الارض بسرعة اكبر. الفصل الاول من الازمة الايرانية يكاد ينتهي وتبدو ايران متقدمة فيه اما الفصول القادمة فلا يعرف عددها ولا تفاصيلها.