بغداد – الراصد ٢٤:
دعا رئيس اللجنة المالية في البرلمان احمد الجلبي، الى “اتخاذ قرارات حاسمة وبعيدة المدى، وإجراء تغييرات بنيوية لتنويع مصادر الدخل الوطني، والتقليل من الدور الحكومي في الاقتصاد، واستحداث صندوق نفطي” .
وتابع الجلبي، أن “أولويات الموازنة ينبغي أن تتمثل بتغطية نفقات الناس الذين شردوا من بيوتهم والمهجرين داخلياً، والنظر في القضايا التي أهملت سابقاً”، مؤكدا انه من “غير الممكن الاستمرار بزيادة الانفاق في ميزانية الأمن والحرب، لأن الضرورة تقتضي النظر بواقعية لما يستوجب تحقيقه من وجهة
النظر الأمنية” .
جاء ذلك في مقابلة موسعة مع الجلبي، أجراها موقع اخبار الطاقة والنفط (Iraq Oil Report) وتابعتها (الراصد ٢٤)، على خلفية استمرار تراجع أسعار النفط العالمية وتداعيات ذلك على العراق، في وقت يستعد البرلمان لإقرار موازنة العام الحالي.
وأوضح الجلبي، أن “الموازنة خصصت مبلغا لشركات النفط العالمية العاملة في العراق، يمكن أن يكون كافياً للأشهر الستة الأولى، وتم تخويل رئيس الحكومة ووزير المالية صلاحية اقتراض 12 مليار دولار لتسديد أجور تلك الشركات”، مبيناً أن “البرلمان يفضل تسديد أجور تلك الشركات العالمية نقداً وليس بالنفط”.
واكد الجلبي وهو خبير مصرفي بارز وقيادي كبير في كتلة رئيس الحكومة، أن “اللجنة المالية قلصت إلى النصف البنود المتعلقة بمشتريات الوزارات، التي تبلغ كلفها بحدود أربعة مليارات دولار، وتدرس إمكانية تقليص ميزانية الدفاع لاسيما ما يتعلق بالمشتريات التي كان من المفترض أن تنفذ السنة المقبلة”.
وضرب رئيس اللجنة المالية البرلمانية، مثالا على سيناريو خفض الانفاق العسكري قائلا ان “صحيفة الوول ستريت جورنال، ذكرت في(الـ23 من كانون الأول 2014 المنصرم)، أن العراق طلب أسلحة من الولايات المتحدة، خلال ذلك العام، بنحو 15 مليار دولار، بضمنها ثلاثة مليارات لدبابات وعجلات هامفي، و175 دبابة أبرامز”، في حين رأى محللون عسكريون أن العراق ربما لا يكون بحاجة لتلك الدبابات حالياً”.
واشار الجلبي، إلى أن “العراق يتجه لشراء 12 طائرة من جمهورية التشيك مقابل 167 مليون دولار، برغم أنه قد لا يكون بحاجة لتنفيذ تلك المشتريات خلال العام 2015 الحالي، وهو يعيش أزمة حادة في النفقات”، مدللاً على ذلك بأن “التخصيصات التي أفردتها الحكومة للنازحين والمهجرين في العراق من الميزانية، هي بحدود 833 مليون دولار فقط، وإذا اعتبرت أن هنالك مليونين و500 ألف نازح أو مهجر، فإن كل واحد منهم سيحصل على 27 دولاراً فقط شهرياً، أي أقل من معدل خط الفقر، وهو أمر غير مقبول إذا ما كنا نطمح بمنحهم ما يكفيهم من موارد للطعام والمعيشة ومواصلة الحياة”.
وتساءل القيادي في التحالف الوطني، “هل ينبغي شراء أسلحة غالية الثمن، أم إطعام اللاجئين والنازحين”، مؤكداً أن “الظروف الحالية تقتضي البحث عن أسلحة أرخص ثمناً”.
وبشأن العجز الذي يمكن أن يسببه ذلك، أكد الجلبي، أن “البرلمان سيضطر لإجراء المزيد من التقليص في النفقات”، مبيناً أن “أكبر ميزانية هي تلك الخاصة بالدفاع، التي تقارب الـ27 مليار دولار، وإذا انخفض سعر النفط لأقل من 50 دولار، فعندها ستكون عوائد الدولة منه 60 مليار دولار، ولا يعقل أن تخصص مثل ذلك المبلغ للدفاع”.
وأوضح رئيس حزب المؤتمر الوطني، أن “النفقات الكبرى في الموازنة هي للدفاع ورواتب الموظفين والتقاعد والبطاقة التموينية ودعم أسعار الوقود”، مرجحاً “تقلص نفقات الطاقة والدفاع والأمن، لعدم إمكانية المساس برواتب الموظفين أو المتقاعدين أو حرمان الناس من الطعام”.
الاتفاقية النفطية بين بغداد وأربيل جيدة
ودعا الجلبي، إلى “دراسة ما حصل في إقليم كردستان والتعامل مع شركات النفط بطرق تعطي للعراق شيئاً من النفوذ عندما تهبط الأسعار العالمية، وأن يتم تقاسم الأرباح مع تلك الشركات في حال ارتفاعها”، مفضلاً “انتظار تطورات الوضع بين #بغداد وأربيل، قبل الحكم على الاتفاق النفطي بينهما”.
وأوضح الجلبي أن “العراق سيعتمد على تصدير 550 ألف برميل يوميا عبر خط نفط إقليم كردستان إلى تركيا، لأن انبوب النفط العراقي (عبر الموصل) خارج سيطرة حكومة بغداد”، مبيناً أن “الدولة العراقية بدأت تتلقى عوائد مبيعات نفط إقليم كردستان، وهذا مهم لأن ذلك لم يكن يحدث سابقاً، وحتى إقليم كردستان كان يواجه صعوبة في بيع نفطه بالأسعار العالمية، وكان عليهم أن يقدموا خصومات في السعر ليتمكنوا من بيعه، وذلك عبر صهاريج إلى إيران ومن ثم إلى أفغانستان، أو من خلال إيران إلى الخليج”.