بغداد – الراصد 24 ..
مع تصاعد الازمة في العراق اخذ الحديث عن قيام زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر بزيارة غير مؤكدة الى ايران ابعادا سياسية في ظل انتقادات وجهها مسؤولين ايرانيين له عقب اقتحام انصاره المحتجين للمنطقة الخضراء وتردديهم هتافات منددة بالتدخل الايراني في العراق.
وتمر العلاقة بين الصدر وايران بمنعطفات ومسارات مختلفة تحمل في طياتها تنافسا مع اجنحة مؤثرة في المؤسسة الايرانية الحاكمة خصوصا ان الهتاف ضد إيران من قبل الصدريين اقترن باسم قاسم سليماني الذي له عداوات مع تيار الإصلاح بإيران وهو ما يعني ان صراع الصدريين ليس مع ايران كدولة بل مع جناح قاسم سليماني المتدخل بكل صغيرة وكبيرة ويدعي تمثيل إيران في العراق.
ويرى متابعون لحركة التيار الصدري ان علاقة الصدر مع إيران جيدة رغم احتفاظه بهامش كبير من الحركة يصل الى حد معارضة الكثير من مطالبهم السياسية لكن بكل الاحوال فان الهتاف ضد سليماني يمثل قوة للتيار الصدري في دهاليز إيرانية مهمة جدا كما لايغفل دور قائد قوة القدس في جعل إيران سيئة في عيون معظم المسلمين بسبب منهجه.
وتضاربت الانباء بشأن قيام الصدر بزيارة ايران فبحسب مصادر مطلعة فان” الصدر غادر الى طهران بصحبة رجلي دين عبر مطار النجف وعلى متن الخطوط الايرانية ايران إير تزامنا مع اعلانه الاعتكاف لمدة شهرين” ، مرجحة ” لقاء زعيم التيار الصدري مع مراجع دينية في ايران وتواصله مع مراجع اخرى عراقية خلال هذه الفترة”.
مصادر مقربة من التيار الصدري نفت من جهتها ما تم تداوله عن مغادرة زعيمه السيد مقتدى الصدر لمدينة النجف الى ايران.
وقالت المصادر في تصريح لـ (الراصد 24) ان ” لاصحة لمغادرة السيد الصدر مقر اقامته في النجف بالعراق الى ايران “، مشيرة الى ان ” زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر معتكف في منزله بمنطقة الحنانة”، منوها الى ان ” بعض وكالات الانباء تحاول تسقيط زعيم التيار الصدري بعد مهاجمة انصاره لايران”.
وتفيد اغلب المؤشرات اخيرا بان كل ما طلبته ايران من التيار الصدري في الفترة الماضية لم يجد له اذنا صاغية لدى زعيم التيار الصدري فالخطاب العدائي ضد ايران والذي ظهر في الاشهر الاخيرة من قبل التيار الصدري ليس لان التيار الصدري او زعيمه عملاء لدول خليجية او اقليمية، بل هو احدى انعكاسات للمزاج العربي للتيار وزعيمه الذي ابتعد بخطابه عن مزاج جمهورية الولي الفقيه.
وتؤكد مصادر مؤثرة في صناعة القرار الشيعي لـ (الراصد 24) بان” الجنرال قاسم سليماني قائد قوة القدس في الحرس الثوري الايراني اخفق في اقناع السيد مقتدى الصدر او ثنيه عن قناعاته في المضي بطريق الاصلاح لذلك فان علي شمخاني امين عام مجلس الأمن القومي الإيراني تولى ملف الصدر والعلاقة مع التيار الصدري” مشيرة الى ان ” طهران تتمسك بكون التحالف الوطني الحاكم هو الجامع الشيعي الذي يجب تقويته والتحكم بشيعة العراق يتم من خلاله”.
واشارت المصادر الى ان” طهران كانت وما زالت تريد للتحالف الوطني الحد الادنى من الانسجام والتماسك. وما فعله ويفعله السيد مقتدى الصدر بتصورات طهران يبتعد عن التحالف الوطني ويبتعد عن الخيمة الايرانية، وذلك ما لا تقبله الجمهورية باي حال من الاحوال “، منوهة الى ان ” ايران مستفزة في الوقت الراهن خاصة بعد سيل الشتائم التي تعرضت لها ايران وقياداتها من قبل الصدريين فايران تدرك ان السيد مقتدى الصدر هو الوجه الشيعي الابرز والاقوى على الارض الان”.
وتحاول طهران عبر شتى الطرق احتواء التيار الصدري الذي انبثق بعيدا عن اصابع حائك السجادة الصبور فهو يختلف عن غيره من التيارات الشيعية التي تم تشكيلها في ايران بعد ثورة الخميني فالتيار الصدري انبثق كحركة اجتماعية قبل النظر اليه بالمنظور السياسي كونه تيارا سياسيا فهذا المنظور قاصر فالتيار حركة اجتماعية ذات بعد عقائدي تتحرك في الواقع الشيعي العراقي وكأي حركة اجتماعية فقد ظهر في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية معقدة.
وتقول شخصية صدرية واكبت مسيرة التيار الصدري على مدى سنوات في حديث لوكالة (الراصد 24) ان “الزعيم الروحي للتيار الصدري، الذي اغتاله عملاء سريون تابعون لنظام صدام حسين ، السيد محمد محمد صادق الصدر والد زعيم التيار مقتدى الصدر ظهر في الوسط الاجتماعي الشيعي العراقي كمصلح ينشد الإصلاح داخل المجتمع الحوزوي بالدرجة الاولى حيث انصبت خطبه وخطواته على محاربة الجمود الذي تعيشه المرجعية وابتعادها من وجهة نظره عن اتباعها بإنزوائها ثم تطورخطابه ليتناول البعد الإجتماعي من عادات وتقاليد وظواهر اجتماعية سلبية يعيشها الفرد والمجتمع الشيعي العراقي ومن ثم طور خطابه ليتناول ولو بالإشارة البعد السياسي وهذا ما عبر عنه بـ “كلا كلا ياشيطان كلا كلا امريكا كلا كلا إسرائيل.”
فالتيار الصدري كحركة اجتماعية هي حركة متمردة على الواقع الشيعي الكلاسيكي. فقهيا وعقائديا وانفرد الصدر كمرجع بإحياء فريضة صﻻة الجمعة وهي علامة بارزة في حركته الإصلاحية عانى لأجلها ما عانى. وعقائديا حاول جاهداً بعث الفكرة المهدوية في اتباعه وهي فكرة اصلاحية في جوهرها وثورية في نتائجها.
وتشير الشخصية الصدرية انه “من هذا المنطلق فان التيار الصدري بدأ كحركة اجتماعية اصلاحية وتحولت مع مرور الأيام الى تيار سياسي جارف ومثل منذ نشأته الطبقة المهمشة والمستضعفة من طبقات المجتمع الشيعي في قبال المرجعية النجفية التقليدية التي عادت ما تعكس وتمثل مصالح (شيعة البازار) اي الطبقة البرجوازية كما مثل الصدريين ابناء الجنوب والوسط وامتداداتهم في بغداد وذلك بعد ان رفضها وحاربها ابناء المدن المقدسة “.
فالتيار الصدري رغم كل مايحيط به من مواقف البعد العروبي في المجتمع الشيعي في قبال المرجعية ” الاجنبية” سواء كانت ايرانية او باكستانية او افغانية التي عادة ما تكون مدعومة من قبل أبناء الجاليات “المستعرقين”
وستحاول طهران بكل الوسائل احتواء التيار الصدري اوضمان بقاءهم على الحياد على اقل تقدير خصوصا ان الايرانيين لن يهضموا شعارات رددها الشيعة في قلب بغداد وخاصة” ايران برة برة بغداد تبقى حرة” و” ياقاسم سليماني انا الصدر رباني”.