بقلم عيسى خليفة
يعرف برهان غليون الطائفية بأنها “مجموعة الظواهر التي تعبّر عن استخدام العصبيات ما قبل السياسية، الدينية منها والإثنية، في سبيل الالتفاف على قانون السياسة العمومية أو تحييده. إنها تشكل ما يشبه الاختطاف للسلطة السياسية، وهي تنطوي لذلك على مخاطر تدمير الدولة نفسها بوصفها بنية عمومية ومنتجة للعلاقة العمومية، وعلى مخاطر زوال الأمة نفسها بوصفها جماعة موحدة سياسياً، أو ذات قانون سياسي يختلف نوعياً عن قانون العصبية الدينية والإثنية ويتجاوزه معاً.” ويقصد غليون بهذا التعريف أن السلطة السياسية تستخدم الطائفية كأداة لحث الجماعة على الانخراط في سياستها أو الحياد تبعاً لما تقضيه مصلحتها.
لذلك نرى أن الدول التي تعتمد الطائفية السياسية هي دول فاشلة سياسيا وتنمويا واقتصاديا واجتماعيا مهما كانت غنية بالموارد الطبيعية وغنية بمواردها البشرية لأنها تتقاذفها الأهواء و تتعرض للتدخل الخارجي ويمكن اختراقها بسهولة ويكون قرارها بيد الآخرين وقد تتطور أمورها إلى تقاتل وتطاحن وحروب مدمرة بين طوائفها سواء كانت أثنية أو دينية فالكل يبحث عن وسائل استقواء عادة تكون خارجية تغذي تلك التناقضات والمشكلة الكبرى أن هناك من يحاول استغلال الطائفية لمصالح شخصية ضيقة هي مالية ويقتات عليها كمن يقتات على الجيّف ولحوم البشر ،ولا يخفى علينا أن سياسة تشطير وتمزيق المجتمعات طائفيا هي سياسة وضعها المستعمرون أثناء حقبة الإستعمار حسب سياسة (فرق تسدّ) وهي سياسة مثمرة بالرغم من إنتهاء فترة الإستعمار بأكثر من نصف قرن .لا يوجد ميزة ايجابية واحدة للأنظمة الطائفية وحيثما وجدت وجد الفشل و الفشل والفشل ولا نحتاج للذهاب بعيدا مهما تزيّنت تلك المجتمعات بما يعرف بالنخبة المثقفة فهي مجرد عقول خاوية رجعية ما لم تؤمن بأهمية التنّوع وقبول الآخر .