بغداد – الراصد 24 ..
بعد اكثر من 3 سنوات عجاف وتجربة مريرة تحت سلطة “تنظيم داعش ” تقف محافظة نينوى المتنوعة عرقيا ودينيا ( شمال العراق) ومركزها مدينة الموصل على وجه الخصوص ذات الاغلبية السنية وسط الحطام والفوضى والدمار من اجل المشاركة في اول انتخابات تشريعية بعد خروج التنظيم المتشدد.
وتعتبر نينوى التي يسكنها اكثر من 3 ملايين و400 الف نسمة، من المحافظات العراقية التي تضم مكونات عرقية ودينية متنوعة فبالاضافة الى العرب السنة يتواجد الاكراد والتركمان والشبك والكلدان والسريان كما تضم اجزاءا من المناطق المتنازع عليها او مناطق المادة 140 من الدستور العراقي.
ويتنافس في محافظة نينوى 917 مرشحا ومرشحة لحصد 34 مقعدا من مجموع 329 مقعدا في البرلمان العراقي منها 31 مقعدا اعتياديا و3 مقاعد وفقا لنظام “الكوتا” الخاصِ بالأقليات كما تخوض تحالفات انتخابية سنية وشيعية كبيرة التنافس الانتخابي.
وكسر دخول قائم شيعية كبيرة مقربة من ايران والحرس الثوري تحديدا حاجزا كان ثابتا على مدى الدورات الانتخابية التي اعقبت سقوط نظام صدام حسين في 2003 ، اذ انهارت بعد طرد تنظيم داعش من الموصل وما جره من ويلات على سكانها ، ثوابت كانت راسخة على مدى سنوات طويلة تتمثل برفض الساسة من حلفاء طهران خصوصا ان مدينة الموصل معروفة بانها ذات توجه قومي عربي كما تضم اكبر عدد من ضباط الجيش العراقي ابان عهد نظام صدام حسين لكن الانتخابات الحالية حملت انهيارا لكل ما كان سائدا وبات من المعتاد رؤية حتى صور المرشد الايراني علي خامنئي مرفوعة على مقار الحشد الشعبي في بعض شوارع المدينة.
وقرعت مؤسسات ثقافية واخرى مختصة بالمجتمع المدني في مدينة الموصل جرس الانذار من دخول الاحزاب المقربة من ايران الى المدينة وبحسب بيان لـ “مؤسسة الموصل” فان “نشاط الاحزاب الشيعية في الموصل ليست قضية انتخابات فجلبها إلى الموصل ومنحها غطاء موصليا لايدخل في التنافس على خدمة المدينة واهلها فهذه الأحزاب التي تمكنت بالمال من ايجاد محطات سياسية تتضائل امام امكاناتها الضخمة الاحزاب السياسية الموصلية ويتغير بها الوجه السياسي للموصل للمرة الاولى ، ستجلب حين يرسخ قدمها السياسي علاقاتها الاقتصادية في إيران وتؤسس في الموصل مشاريع اقتصادية سيتلاشى أمامها التاجر الموصلي التقليدي ويصبح اسمى امال الشاب هو أن يكون عاملا عند رب العمل الأفغاني أو التنزاني أو اللبناني القادم من قواعد حزب الله الاقتصادية في فنزويلا”، داعية الى مقاطعة الاحزاب المقربة من ايران المشاركة في الانتخابات التشريعية.
وشكل دخول رئيس الوزراء حيدرالعبادي بتحالفه “النصر” منافسا جديدا على المرشحين التقليديين في المحافظة بعدما اختار احد شخصيات الموصل وهو خالد العبيدي وزير الدفاع السابق المقال من قبل البرلمان العراقي بتهم فساد رئيسا لقائمته في الموصل كما دخل هادي العامري النائب في البرلمان وزعيم منظمة بدر ومعه حلفاءه من قادة الحشود الموالية لايران ضمن “تحالف الفتح” الى الساحة الموصلية لكن حظوظه اقل بكثير من العبادي الذي مازال يستثمر النصر على “داعش” لحسابه انتخابيا رغم ان العزف على هذا الوتر لم يعد رائجا كثيرا كما في ايام الخلاص الاولى من داعش فبعد عام من انقضاء الحرب مازال نحو 6 احياء و11 الف منزل مدمرا والجثث تحت ركام المنازل في الجانب الغربي من الموصل فضلا عن ان جهود للاعمار ضعيفة باستثناء مايقوم به السكان بمساعدة المنظمات الاغاثية المحلية والدولية ومشاريع الامم المتحدة اذ تقدر تكلفة اعادة إعمار منازل المدينة بـ 16 مليار دولار.
وتميزت الحملة الانتخابية للوائح المتنافسة بمشاركة لافتة لنساء الموصل فبعد ان حجر عليهم تنظيم داعش لسنوات واخضعهم لقراراته التعسفية انخرطن نساء الموصل بشكل كبير في الحياة السياسية وخوض المنافسات على قدم المساواة مع الرجال.
واكدت المرشحة التركمانية نهلة الهبابي عن قائمة الفتح ( بزعامة هادي العامري) في محافظة نينوى على انه “من الصعب اطلاق الوعود الانتخابية للسكان في ظل الاوضاع العامة الصعبة التي تعيشها محافظة نينوى”، مشيرة الى ان ” المصالحة المجتمعية ضرورية لتسوية المشاكل بين العشائر في الموصل وتلعفر والمدن الاخرى على شرط ان لاتشمل من تورط باعمال قتل وخطف وانتهاكات ونحتاج لرؤية حقيقية لحل الخلافات من قبل الحكومة لان تعويض ضحايا داعش سيساهم بحل المشكلات والابتعاد عن حالات الانتقام”.
وتزدحم في ساحة نينوى الانتخابية اللوائح السنية حيث تم تشكيل قائمة انتخابية تضم شخصيات علمانية متحالفة مع شخصيات من الحزب الاسلامي وعلى راسهم وزير التربية العراقي محمد اقبال الصيدلي كما لم يفوت الفرصة محافظ صلاح الدين احمد الجبوري الذي شكل قائمة تضم زعماء عشائر مقربون له بالاضافة الى لائحة نائب الرئيس العراقي اياد علاوي الذي ضم في القائمة الوطنية شخصيات اسلامية واخرى عشائرية مثل الشيخ فلاح حسن الزيدان وزير الزراعة كما لازال يبرز اسم اسامة النجيفي نائب الرئيس العراقي منافسا لخوض الانتخابات التشريعية ممثلا عن الموصل ورغم فقدانه بريقه السابق في الموصل الا ان انه مازال خيارا مقبولا لدى اوساط مهمة من السكان.
وتوقع النائب نايف الشمري المرشح حاليا عن القائمة الوطنية ( بزعامة اياد علاوي ) في محافظة نينوى بان ” تكون نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات قليلة بسبب الوضع الماساوي الذي تشهده الموصل ومناطق اخرى من نينوى”.
واضاف الشمري في تصريح لـ ( الراصد 24) بان”اولوياتنا تتمثل بعودة النازحين الى مناطقهم وان تعود مدينة الموصل الى وضعها الطبيعي ” موضحا بان “اجواء التنافس بين اللوائح الانتخابية والقائمة الوطنية تطمح لتقديم كل ما يساهم بعودة الحياة الى طبيعتها في نينوى والموصل تحديدا من اجل الخروج من حالة الاحباط التي اصابت سكان الموصل جراء زلزال اسمه تنظيم داعش “، مبينا بان “الوضع والحالة النفسية للناس مازالت سيئة خصوصا مع وجود الاف القتلى تحت انقاض الاحياء المدمرة والالاف من مجهولي المصير والنازحين”
ولايخفي المرشح عن ائتلاف علاوي ثقته من ان “الناخب في الموصل هو من سيحسم تمثيله في البرلمان بغض النظر عن انتشار قوائم للحشد الشعبي من عدمها”.
ولايبدو ان اقناع الناخب الموصلي الذي عاش تجربة مريرة جدا بالمشاركة في الانتخابات والادلاء بصوته لصالح اللوائح الانتخابية المتنافسة مهمة يسيرة بل لاتقل صعوبة عن حل الازمات التي يعاني منها سكان محافظة نينوى ولاسيما مايتعلق باعادة جميع النازحين الى مناطق سكناهم او اعادة اعمار ماخربته الحرب على داعش.
وقال المحلل السياسي جرير محمد بان” اثار داعش الرهيبة لم تترك ذكراها المرة على مباني مدينة الموصل فحسب بل حفرت عميقا اثارها في نفوس الناس وجراحا لن تندمل بسهولة وهذا ما انعكس على المشهد الانتخابي بطريقة لاتسهل قراءته كما في محافظات عراقية اخرى”، منوها الى ان “تنظيم داعش كسر اشياء كثيرة في النفوس زادت من اللامبالاة وعدم الاكتراث بالانتخابات والثقة بتغيير الحال ومنها ماضاعفت ردة الفعل تجاه الاحزاب الاسلامية والوجوه القديمة بالذات وهو ما ادى الى دخول احزاب جديدة الى الساحة”.
واضاف محمد في تصريح لـ ( الراصد 24) بان ” الناخب يريد التشبث بأمل ينتشله من واقعه المرير لان طبيعة التنافس تغيرت عن السابق مع ان التوقعات لاتشير الى اكتساح ممكن ان تحققه قائمة بعينها بل ان النتائج ستكون متقاربة نوعا ما بين ثلاث او اربع قوائم بتفوق طفيف ممكن ان تحرزه قائمة او قائمتين عن الاخريات من القوائم والتحالفات الانتخابية المتنافسة”.

ملصقات انتخابية وسط مناطق مدمرة في الموصل