بقلم ..علي السامرائي
عكست لغة الجسد خلال اللقاء بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ووليالعهد السعودي الامير محمد بن سلمان عمق حرارة العلاقات علىالمستوى الشخصي بين الرجلين من جهة ودفئها بين بغداد والرياض منجهة اخرى ، فسنوات العمل على صوغ علاقات وثيقة بهدوء وتأني وصبركانت سمة طغت على تحركات الحكومات السابقة منذ حكومة حيدرالعبادي مرورا وان تعثرت بحكومة عادل عبد المهدي لتعاود زخمها اكثر فيحكومة مصطفى الكاظمي.
ان العلاقات العراقية – السعودية رغم المطبات التي تشهدها بين الحينوالاخر تمثل نقطة انطلاق وتحول في المنطقة كونها تجمع قطبي رحىكبيرين يملكان مواردا وثروات طبيعية تشكل نسبة كبيرة من اقتصادالعالم وهو ما يتطلب حنكة وحكمة في استثمار تلك الروابط بما يخدممصلحة الشعبين الشقيقين وفرص التنمية في الشرق الاوسط لاسيما انوجود قيادة شابة ممثلة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان يمنحفرص التعاون نشاطا وحيوية وحماسا ودفعة قوية نحو التكامل فيمختلف المجالات و النظر نحو المستقبل والاستفادة من تجارب الماضيوعدم الركون الى استعادة ما يعكر صفو سماء بغداد والرياض من احداثو مواقف تجاوزها الزمن.
وحمل دفئ اللقاء بين الكاظمي وبن سلمان اشارات واضحة على وجودرغبة عراقية بوضع مصلحة البلد فوق اي مصلحة اخرى وان لايقتصردوره على كونه صندوق بريد لرسائل اقليمية بقدر ما يعزز انخراطه فيالجهد الاقليمي واستثمار ثقله في صنع سلام او هدنة اقليمية على اقلتقدير في اكثر من بؤرة توتر ، فالحاجة الى السلام تتطلب نوايا حسنةوصادقة وثقة ترسخ ما سيتم تحقيقه من نتائج في الحوار القائم بينالسعودية وايران وهو امر يهم العراق اكثر من غيره من الدول.
ومع ان العراق يعاني ازمات جمة في العديد من المجالات فان الخروج منهايتطلب العمل بذكاء وروية وتخطيط سليم من اجل الاستفادة من العلاقاتالاقليمية والدولية خصوصا ان الانقسام السياسي الذي انعكس بشكلجلي على العلاقات الاقليمية ، ادى الى انشطار المشهد العراقي بينمعارض ومؤيد سواء للعلاقة مع السعودية او مع ايران بينما المنطقيتطلب ان يكون للعراق علاقات طيبة مع جميع الدول وفي مقدمتها دولالمنطقة والجوار العربي وغير العربي والاستفادة منها بقدر ما يخدم البلددون اغفال ان العلاقات مع الدول العربية ترتكز في جوانب منها علىاسس اوسع من غيرها لتعزيز التضامن العربي ودعم الامن القوميالعربي وترسيخ العلاقات في اطار الجامعة العربية ومؤسساتها.
ومع ان رئيس الوزراء الذي يقود حكومة تصريف اعمال يومية لم يحققماهو مأمول منه على اكثر من ملف داخلي خلال توليه منصبه وهذا امرله تاثير على اداء المؤسسات الحكومية وانعكاسات سلبية على الواقعالمعاشي للعراقيين، لكن دوره كان حيويا على المسار الاقليمي وبالاخصفي مساعيه لاحياء حوار جديد بين السعودية وايران لنزع التوتراتالاقليمية قبيل قمة الرياض في الشهر المقبل والتي سيحضرها الرئيسالاميركي جو بايدن وزعماء دول خليجية وعربية وهي قمة مهمة وذات بعدستراتيجي قد تحمل مواقفا متشددة تجاه بعض ملفات المنطقة الامر الذييضع على كاهل الكاظمي اعباء تحقيق التوازن ومسك العصا من الوسط .
فالمباحثات العراقية – السعودية اطلقت رسائل ايجابية من ناحية عمقالعلاقات بين البلدين واهمية ضمان الامن الاقليمي وتعزيز مسيرةالتضامن العربي ونزع فتيل التوترات الاقليمية والتأكيد على اهميةالحوار لحل مشاكل المنطقة.
ويفرض استمرار العلاقة الوثيقة بين بغداد والرياض مسؤولية مضاعفةعلى من يخلف الكاظمي في رئاسة الحكومة في حال عدم التجديد له فيالعمل بكل جد على ديمومتها وتنميتها وعدم تاثرها بالسجال والجدلوالخلافات السياسية وهي مهمة قد تشوبها صعوبة لمن يخلفه في حالعدم امتلاكه لسمات شخصية لها ذات “الكيمياء” التي ظهرت فياللقاءات المتعددة للكاظمي مع ولي العهد السعودي.
ان على الاطراف السياسية التي ستقع على عاتقها مسؤولية تسميةالمرشح لرئاسة الحكومة ادراك بان عجلة التاريخ لن تعود الى الوراء وانالنهج السياسي القائم على صنع الازمات مع الدول العربية لن يحقق ايفائدة ولن يجني منه العراق سوى العزلة والتاخر عن ركب التطور وفرصالتنمية مما يتطلب منها انفتاحا اكثر و تعاطي مرنا مع الملفات والتعاملبواقعية مع الاحداث والاقتناع بان العالم يتغير وان نسج علاقات قائمةعلى اساس المصالح والفوائد المرجوة لا على اساس المنطق“العقائدي”لبعض الاطراف يمثل نجاحا لاي حكومة مقبلة.
ان عدم التجديد للكاظمي قد يكون مطروحا او متوقعا وفق الحساباتالسياسية رغم عدم استبعاد امكانية استمراره بمنصبه في حال حصولتوافق داخلي فما حققه على صعيد التعاون الاقليمي وتمكنه من نسجشبكة علاقات مع مختلف دول الجوار سيجعل مهمة خلفه عسيرة ، فايجادشخص يحمل ذات السمات الايجابية للكاظمي تبدو امرا ملحا لاسيما انتاليف اي حكومة جديدة لن يمر دون اي قبول او تفاهم اقليمي – دولي.