عمان – الراصد 24:
يعد فندرليتش واحدا من الفنانين الالمان البارزين بحكم اسهاماته في اغناء المشهدين الألماني والفرنسي في مجالات النحت والرسم السريالي والفن الغرافيكي. ويبدو تأثير الاسطورة جليا في لوحاته السريالية وفي عدد من منحوتاته.
سيرة
ولد فندرليتش في العاشر من مارس من عام 1927 في مدينة ابرسفالد نجلا لهورست وغرترود فندرليتش. وفي وقت مبكر من صباه التحق بمنظمة (فلاكهيلفر) التي كانت تستقطب اعدادا كبيرة من الشباب الالماني لأغراض الخدمة العسكرية.
ودشنت هذه المنظمة النازية أنشطتها التعبوية بتجنيد مواليد 1927 من الفتيان الالمان، ثم تم شمول الفتيات ليصل عدد المجندين من صغار الفتيان والفتيات الى ما يزيد عن الستمائة الف مجند ومجندة.
وبعد مضي فترة من الزمن التحق فندرليتش بوالدته في مدينة (يوتين) ليتخرج من احدى مدارس الجمناستيك، غير ان زيارة له لمدرسة الفن بقلعة تلك المدينة عملت على تفتح مواهبه الفنية ليصبح واحدا من طلاب احد المعاهد الفنية بمدينة هامبورغ في عام 1947.
ونظرا لميله الشديد لفن التحق بأحد صفوف ذلك المعهد متخصصا بفن الجرافيك حصريا وتحت اشراف استاذه الفنان وليام تايز، كما ان اثنين من زملائه اصبحا فيما بعد من الرموز الفنية الشهيرة وهما (هورست جانسن) و(رينهارت درينكاهن).
رحلة الليتوجراف
في عام 1950 اصبح فندرليتش زميل دراسة لوليم غريم وتخرج من المعهد عام 1951. وفيما بعد اصبح استاذا محاضرا في واحد من اكبر معاهد مدينة هامبورغ وذلك في مادتي الليتوجراف (الحفر على الحجر).
ومن اعماله البارزة في هذا الصدد انجز فندرليتش اعمالا متميزة مثل (الملك ورجاله ـ حفر) واحد عشر عملا ليتوغرافيا تحت عنوان (آن اليزا ريد). وقد درت عليه اعماله الفنية موردا جيدا دعاه لقضاء عدد من الشهور في منتجع (ايبيزا). وما ان جاء عام 1955 حتى نال بعثة دراسية من اللجنة الثقافية بوزارة الصناعة الالمانية.
وتميزت سنة 1959 بكونها واحدة من اكثر سنواته خصوبة وعطاء اذ انها اعانت على بلورة اسلوبه الفني.وكانت اعماله المبكرة لاتخلو من بعض الركاكة وسوء توزيع تكوينات العمل الجزئية، غير ان سعيه الجاد لتطوير نفسه جعله يعشـّق رؤاه الفنية بالتيارات الفنية الحديثة وفي مقدمتها الفن السريالي. وللمرأة حيز كبير في اعماله الفنية حيث تزخر اعماله بتكوينات لا تخلو من رشاقة جياكوميتية بوجوه يذكرنا بعضها بأعمال مودلياني.
وما ان اهل عام 1961 حتى وجد فندرليتش نفسه فائزا بجائزة الشباب في فن الليثوجراف، وهو لم يتردد اذ عمل على استثمار مبلغ الجائزة في ترحيل مجال نشاطه الفني الى باريس. وفي سنة 1962 التحق بإحدى ورش العمل الاحترافية في العاصمة الفرنسية.
في عام 1963 عاد فندرليتش الى هامبورغ ليتسنم منصب استاذية كبرى المدارس الفنية هناك. وما ان قدم عام 1969 حتى انهمك بابتكار عدد من الاعمال النحتية التي تستخدم فيها مادة البرونز، تحت تأثير فني من سالفادور دالي.
تزوج فندرليتش من المصورة (كارين شيكيسي) في 1971ليواصل الاثنان مسيرتهما الفنية بالتعاضد. وتوزع حضور الفنان فندرليتش بدء من ذلك التاريخ بين كل من هامبورغ وسان بيار دي فاسول الاقليم النائم في ربوع جبال الألب جنوب شرقي فرنسا.
رحل الفنان الالماني بول فندرليتش في السادس من يونيو ـ حزيران من عام 2010عن عمر يناهز الثالثة والثمانين مخلفا وراءه إرثا هائلا من اللوحات والمنحوتات واعمال الحفر التي اغنت المشهدين الفني الالماني والفرنسي، على حد سواء.