بغداد – الراصد 24
جسد السباق نحو البرلمان العراقي في الانتخابات المقرر اجراءها في 12 ايار ( مايو) المقبل ظاهرة جديدة تمثلت بالانسجام النادر بين بعض اطراف التحالفات الانتخابية وخصوصا تحالف” سائرون” الذي ضم احزابا وتيارات متناقضة فكريا وسياسيا توزعت بين الراديكالية الشيعية واليسار الشيوعي والتوجه العلماني والليبرالي فضلا عن العشائرية وتسير عكس طريقة وقواعد المعركة الانتخابية التقليدية القائمة على الشيعة والسنة والاكراد والاقليات.
وفي ظل الصراع الدائر منذ سنوات بين الاسلاميين والعلمانيين في العراق خرج التيار الصدري ( بزعامة السيد مقتدى الصدر) والحزب الشيوعي ( بزعامة رائد فهمي ) والتجمع الجمهوري ( بزعامة السياسي المستقل سعد الجنابي) وحزب الترقي والاصلاح ( بزعامة السياسي العلماني مضر شوكت ) فضلا عن احزاب وشخصيات مدنية صغيرة عن النسق العام للسباق الانتخابي والانصهار ولومؤقتا في بوتقة العمل العابر للطائفية ضمن تحالف شامل قد يتشضى في مرحلة مابعد الانتخابات لكنه في المرحلة الراهنة اثار انزعاج مراجع دين كبار لم يخفوا خشيتهم من طغيان الطابع الليبرالي على المسار الاسلامي الذي يمثل عنوانا لمرحلة السلطة في العراق منذ 2003 .
ويضم تحالف “سائرون” شخصيات سياسية معروفة بتوجهاتها اليسارية اوالليبرالية وحتى عمقها العشائري ومن بينهم الدكتور مضر شوكت الامين العام لـ “حزب الترقي والإصلاح ” الذي ينتمي لعائلة سياسية سنية ساهمت في تأسيس الدولة العراقية كان مناهضا لنظام صدام حسين منذ متصف الثمانينيات ولعب دورا في المعارضة العراقية كما عارض سياسيا الولايات المتحدة بعد الغزو في 2003 وانسحب من العملية السياسية في عام 2005 ليعود اليها في انتخابات 2018 حاملا برنامجا اقتصاديا يوفر اكثر من مليون فرصة عمل ضمن خطة اقتصادية لبناء مدينة صناعية عملاقة تمتد مساحتها من بحيرة الرزازة بالانبار(غرب العراق) وصولا إلى شمال الناصرية ( جنوب العراق) أطلق عليها ” مدينة النخيب الصناعية” والسعي لاعادة احياء”مجلس الإعمار العراقي” الذي اسس في العهد الملكي والغى بعد تاسيس الحكم الجمهوري في 1958.
وقال شوكت ان” كتلة سائرون هي الكتلة المنقذه لحال البلد والعراقيين فهي الكتلة التي ستشكل الحكومة المقبلة لان الجماهير المليونية والقائد الشاب ( السيد مقتدى الصدر) يدعمونها كما لن نقبل بتشكيل حكومة كسابقتها”، موضحا بان” كتلة سائرون وضعت الخطط لبناء دولة المؤسسات وإعادة الاعمار والقضاء على جميع السلبيات”.
وشدد امين عام “حزب الترقي والإصلاح” على ضرورة “المشاركة في الإنتخابات لأهميتها كونها تعتبر المرحلة الفاصلة في تأريخ العراق ” لافتا الى ان “فكتلة سائرون كتلة وطنية لاتتلقى اوامرها من الدول الاخرى وقوتها ودعمها من الجماهير فقط” مبينا ان “هناك تقارب في الأفكار بيني وبين السيد مقتدى الصدر فالعراق لم يعد يتحمل المزيد من الإخفاقات التي تسببت بها التدخلات الخارجية التي اضعفت الدولة العراقية”.
وتنظر الاطراف المؤتلفة في تحالف ” سائرون ” باهتمام كبير لخطوة التاسيس مع كونها تجربة جديدة تهدف لايجاد ارضية مشتركة للخروج من الازمات السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية والخروج من اطار المحاصصة المذهبية والعرقية وبناء مدنية بعيدة عن الطابع الاسلامي الحالي على الرغم من الصعوبات التي تعترض هذه الامنيات.
ورأى فارس الامين مرشح “تحالف سائرون” عن “الحزب الجهوري العراقي” في بغداد بان “مسالة الدخول بقائمة متعددة الاتجاهات العلمانية والليبرالية والاسلامية يشكل انتقالة نوعية في تاريخ الانتخابات البرلمانية العراقية وتبعث برسالة بان الأمور في البلاد تسير نحو الافضل والجمهور والناخبين يندفعون للتصويت لتيار ليس عابر للقومية والمذهبية فقط بل للاتجاهات والانتمائات مهما كانت خلفيتها”.
ومع ان الفكرين “الشيوعي” و” الاسلامي” مختلفان الى حد القطيعة لكن في ظل الاوضاع الصعبة التي تمر بالعراق جمعهما “مشروع سياسي” مشترك لتنفيذه من اجل انقاذ العراق من الانقسامات الطائفية من خلال قائمة تجمع مرشحين من مختلف انحاء العراق باستثناء المحافظات الكردية.
وقال عدي وناس المرشح عن محافظة الديوانية ( وسط العراق) عن”حزب الاستقامة” المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر احد اطراف “تحالف سائرون” في تصريح لـ ( الراصد 24) ان” التحالف خطوة مهمة فيه مرشحون علمانيون وليبراليون مع مستقلين واسلاميين خاصة ان قرار السيد مقتدى الصدر جاء واضحا بمنع ترشيح اي من الشخصيات التي تشغل مناصب نيابية وزارية وفِي مكاتب التيار الصدري لخوضة المعترك الانتخابي “، موضحا بان ” القرار جاء بعد دراسة وجدت ان من الفائدة خوض الانتخابات بشكل مشترك مع اطياف متنوعة الاتجاهات الفكرية والحزبية بهدف السير في تحرير العراق من الفساد والطائفية لتكون امامنا مسؤولية بناء دولة مدنية عادلة على يد تنفيذيين تكنوقراط مهنيين وطنيين أكفاء وفقا لشعارنا مليونية اصلاحية انتخابية “.
ولا ترتبط اغلب الاحزاب المنضوية في “تحالف سائرون” بعلاقات وثيقة مع ايران بحسب ماهو معروف باستثناء التيار الصدري الذي مازالت علاقته مع طهران متوترة بعد ان رفض مسؤولون ايرانيون من بينهم علي اكبر ولايتي مستشار المرشد الايراني علي خامنئي تشكيل تحالف شيعي – شيوعي – علماني كونه “خارج ضوابط الاسلام” وبالتالي فان التيار الصدري حاليا هو التيار الشيعي الوحيد الذي يقف خارج العباءة الإيرانية التي لايمكن ان تؤثر على نتائجه الانتخابية كما تطمح لاسيما ان جمهوره الانتخابي ثابت على مدى كل الدورات الانتخابية الماضية بل ان مسؤوليه يعتقدون بان حظوظهم ستكون كبيرة وسيشكلون رقما مهما في المعادلة الانتخابية التي ستؤدي الى تاليف الحكومة الجديدة.
واكد الزعيم العشائري الشيخ مناجد العرسان الزوبعي المرشح ضمن سائرون عن”حزب نداء الوطن” في بغداد بان” العديد من مناطق العاصمة والمحافظات ترى صورتها في تحالف سائرون الذي يتكون من عشرات التيارات والكتل والأحزاب المتعددة الانتماءات والاتجاهات وجاءت نتيجة لافرازات مرحلة سابقة شهدت تكتلات طائفية وقومية فشلت ودمرت البلاد”.
واضاف الزوبعي في تصريح لـ ( الراصد 24) ان ” انتخابات ٢٠١٨ ستنتج عنها كتلة انتخابية نتوقع ان تحصد أصوات الملايين ومقاعد نيابية لا باس بها وستغير طريق تشكيل الحكومة إيجابيا وتبتعد من ازمات الفترة الراهنة او السابقة”.
وتشارك في الانتخابات العراقية 87 تحالفا في عموم البلاد ابرزها “تحالف النصر” (بزعامة حيدر العبادي) و”سائرون” و”دولة القانون و”القرار” و”الوطنية” وغيرها.

لافتة انتخابية لمرشح ضمن تحالف سائرون