لندن – الراصد 24:
تصاعدت ردود الفعل الغاضبة في بريطانيا عقب إعلان تأجيل نشر نتائج التحقيق في حرب العراق عام 2003 والذي يعرف بـ’تقرير السير جون شيلكوت’، وفيما عد أن سبب التأجيل جاء نتيجة اتهام رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، بارتكاب جرائم حرب في هذا التقرير، يحاول رئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون حماية زميله السابق، خشية من تعرضه الى تحقيقات مستقبلية، في حين يهدد نشر التقرير بإنفراط عقدالتحالف الدولي لمحاربة داعش.
ويبحث التقرير أسباب مشاركة بريطانيا في غزو العراق عام 2003 وقت تولي توني بلير منصب رئيس الوزراء الذي قاد تحالفاً مع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش للإطاحة بنظام صدام حسين، لكن القوات البريطانية ظلت في العراق حتى العام 2009، حيث قتل خلال تلك المدة 179 جندياً بريطانياً، بحسب أرقام وزارة الدفاع البريطانية.
وبحسب مصادر مقربة فإن عدد كلمات التقرير بلغت مليون كلمة، وكلف الخزانة البريطانية حتى الآن تسعة ملايين جنيه إسترليني.
وقال نائب رئيس الوزراء إن إنجازه بالكامل ‘يحتاج توفير مزيد من الموارد’ .
وسبق لشيلكوت -الذي بدأ العمل في التقرير عام 2009- القول إن نشر نتائج تقريره ستتأخر إلى ما بعد الانتخابات العامة المقررة في شهر أيار المقبل، في حين ذكرت صحيفة ديلي تلغراف أن التقرير قد لا ينشر إلا العام االمقبل.
ودشن حزب الديمقراطيين الأحرار حملة على الإنترنت قال فيها : ‘لا يمكن تصديق أو فهم كيف يتم تأخير نشر التقرير إلى ما بعد الانتخابات’، عاداً التأخير ‘هدية’ لرئيس الوزراء السابق بلير.
وأكد الحزب ضرورة ‘محاسبة المتورطين، وحق الجمهور والضحايا في الحصول على إجابات واضحة عما جرى’ .
مخاوف المستقبل.
أما المساعد السابق للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون العراق، دينيس هاليدي، فسبق أن أبدى امتعاضه من ‘التأخير المستمر’ لنشر نتائج التحقيق، موضحا أنه أثار هذا الأمر في البرلمان البريطاني إبان مشاركته في مؤتمر عن العراق، وأنه توقع التأخير منذ ذلك الوقت.
وقال هاليدي -الذي استقال خلال عمله بالعراق مع فريق الأمم المتحدة احتجاجاً على ما سماه دور الأمم المتحدة في تدمير العراق- إنه لا يستطيع إلا أن يفترض أن هذا التأجيل جاء بسبب تعرض بلير الى اتهامات مختلفة بانتهاكات القانون الدولي والمحلي في التقرير.
وعن تأجيله إلى ما بعد الانتخابات المقبلة، قال هاليدي : ‘بما أن اتهام بلير بارتكاب جرائم حرب محتمل جداً في هذا التقرير، فإن رئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون يخشى أيضا أي تحقيقات مستقبلية، وبالتالي فإن المسؤولين الحكوميين يحمون بعضهم بعضا’ .
وفي معرض التوقعات لما سيترتب عليه نشر نتائج التقرير، رجح نائب رئيس الوزراء، نيك كليغ، تعرض بلير الى انتقاد في الصيغة النهائية للتقرير.
بطلان الأسباب
من جهته، قال المحلل السياسي، قصي المعتصم، إن : العراقيين والبريطانيين ينتظرون نتائج التقرير، ‘لكن للأسف فإن هذه اللجنة تأخّر إصدار النتائج التي أجزم بأنها جاهزة’ .
وأضاف، أن ‘النتائج أوضحت بما لا لبس فيه بطلان الأسباب التي أرسلت لأجلها بريطانيا جنودها للحرب على العراق، برغم وقوف غالبية الشعب البريطاني وقتذاك ضد تلك الحرب’.
ويرى المعتصم أن إعلان تلك النتائج ‘سوف يقوض التحالف الدولي الذي شكلته أمريكا لمواجهة الإرهاب، كما أن توجه الساسة البريطانيين الى الوقوف مع أمريكا مرة ثانية، وسط رفض شعبي، واقتناع بعدم جدوى التدخل العسكري مرة أخرى أمر آخر يأخر إصدار النتائج’ .
وأضاف إلى تلك الأسباب ‘الخوف من أن تقود نتائج التحقيقات إلى رفع المتضررين قضايا أمام المحاكم الدولية ضد من اتخذ قرار الذهاب إلى الحرب’ .
ونبه إلى أن كثيراً من البريطانيين ‘يشعرون بعدم الرضى من بقاء بلادهم منفذة لسياسيات الولايات المتحدة التي بررت غالبية حروبها بحجج واهية، وجرّت العالم للدمار وتفاقم الإرهاب أكثر بدلاً من القضاء عليه’.