بغداد – الراصد 24
يوصف أبو بكر البغدادي، الشخصية التي أحتلت الحيز الأكبر من الاهتمام الشعبي واهتمام الإعلام العالمي والمحلي، بـ”أخطر شخص في العالم”، حيث يقود تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف بـ(داعش)، والذي يعتبر من أخطر التنظيمات المسلحة المتطرفة في العالم.
في الاونة الأخيرة، وردت أنباء عن ابتعاد أبو بكر البغدادي عن القيادة الفعلية لتنظيم داعش، إثر إصابته في الموصل، جراء غارة للمقاتلات الحربية التابعة لقوات التحالف الدولي، ما أسفر عن تلف عاموده الفقري بالكامل، إلا أن خطيب داعش في الموصل، أبو أسعد الأنصاري، والذي يتحدث في خطبة كل جمعة، عن وضع التنظيم وموقفه من مجمل القضايا، أعلن أن البغدادي يتمتع بحالة صحية جيدة، نافيا الأنباء التي تحدثت عن إصابته، واصفا إياها بـ”العارية عن الصحة”، ومشيرا إلى أنه في الوقت الحاضر، يقود العمليات القتالية في الأنبار.
ولد ابراهيم عواد ابراهيم البدري، والمعروف بـ(أبو بكر البغدادي)، عام 1971 في قضاء سامراء التابع لمحافظة صلاح الدين، وأصبح أميرا لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق، خلال العام 2010، وأعلن “الخلافة الإسلامية” في تموز العام الماضي، ونصب نفسه “خليفة” في الخامس من الشهر نفسه، وذلك خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع النوري الكبير بالموصل.
وحصل البغدادي على شهادتي البكالوريوس والدكتوراه من الجامعة الإسلامية في بغداد، ولديه زوجتين على الأقل، وتم اعتقاله في أواخر العام 2004 من قبل القوات الأمريكية، وقضى فترة اعتقاله في سجن بوكا في العراق، حتى اطلاق سراحه في العام 2006، حيث اضطلع بتأسيس عدد من التنظيمات الصغيرة، وذاع صيته وأصبح شخصية معروفة في فرع القاعدة بالعراق، بعد مقتل الزرقاوي من قبل القوات الأمريكية، وأصبح الشخص الأول في التنظيم، بعد مقتل أبو حمزة المهاجر.
وظهر أبو بكر البغدادي لمرة واحدة في تسجيل مرئي، وبثت له حتى الان 4 تسجيلات صوتية، وهو يفضل عدم الظهور، حتى بين أفراد التنظيم، حيث يعرف عنه في السابق، بإنه كان يتحدث إلى مسؤولي التنظيم وهو ملثم، حتى عرف بين التنظيم بلقب “الشيخ الملثم”، ووصفه كل من كانوا على معرفة شخصية به، بالشخص الهادئ.
مازال الغموض يلف شخصية زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” حتى الان، وتتابع (الراصد 24) ، معلومات جديدة عن البغدادي.
وعاش أبو بكر البغدادي لفترة، خلال تسعينات القرن الماضي في حي شعبي وسط العاصمة بغداد، وتركزت دراسته بالشريعة الاسلامية قبل ان يصبح الرجل الاول لاخطر المجاميع المسلحة عالميا .
وتقترن سيرة حياة البغدادي بتناقضات كثيرة نقلها سكان (مجاورون للمسجد الذي كان اماما فيه)، في منطقة الطوبجي حيث (عمل فيه بصفة امام) وتلقى تعليمه الديني بمسجد “الحاج زيدان ” والذي يعد مدرسة دينية (مكان لمبيت عدد من طلاب كلية الشريعة من مناطق الموصل وصلاح الدين يكون ذلك بالاتفاق مع متولي المسجد) ويقصدها الراغبين بتلقي علوم الشريعة الاسلامية .
وأظهر ابو محمد (40 عاما)، الذي رافق زعيم تنظيم “الدولة الاسلامية” ابو بكر البغدادي فترة طويلة امتدت لعدة سنوات، دهشته للوهلة الاولى حال تداول وسائل الاعلام صورة ابو بكر البغدادي وعزا ذلك إلى “أنه لم يتخيل يوما ذلك الشخص الهادىء الطبيعي بتعامله من عدد كبير من سكان الحي، ان يصبح بذلك الشكل”.
وقبل أبو محمد، وهو موظف حكومي في بغداد، بالحديث، شريطة أن لا يتم نشر صورته أو شريط الفيديو الذي يظهر فيه.
يقول ابو محمد عن كيف تلقي نبأ اعلان الخلافة الاسلامية وتولي ابو بكر البغدادي قيادتها “لم اكن اتخيل يوما ذلك الشخص الهاديء الطبيعي بتعامله من عدد كبير من سكان الحي ليصبح اشرس رجل وقاتل ويملك كل هذه القسوة” (التي مكنته من احتلال او اسقاط محافظة كبيرة كنينوى ويتخذها مقرا لدولته المزعومة).”
وعن أي اسم ينادون به البغدادي يلفت “كنا نطلق عليه لقب الملا او الشيخ ابراهيم طوال المدة التي عاشها بالحي الشعبي (مستأجرا دارا كانت عبارة عن غرفتين معزولة من احد المنازل المقابلة للجامع) في منطقة الطوبجي.”
ويتحدث عن شخصية ابو بكر البغدادي او الحجي او الملا واصفا اياها “كان الملا ابراهيم شخصا طبيعيا اكثر من كونه رجل دين او امام ). وذات مرة اصطحبت ابني الصغير الى منزله (كان يقصده عدد من المصلين في الجامع لرقية ابنائهم الصغار) . عندها اجابني “لو كان بية خير لعالجت ابني المشاغب (حذيفة الذي كان طفلا متمردا يصعب السيطرة عليه)”.
ويضيف “شخصيته البسيطة توحي لك بأنه لن يستطيع قيادة بضعة اشخاص حتى ملبسه فمن المعتاد ارتدائه (القميص والبنطلون) واحيانا الـ (تي شيرت) عندما كان يذهب خلال مراجعته لعدد من الدوائر، وكان يرتدي الجبة والعمامة عندما يؤم المصلين) او في الايام العادية، اما داخل المسجد فغالبا ما يرتدي الزي العربي المتعارف عليه (الدشداشة والعرقجين).”
ويواصل جار البغدادي عن كيف كان يقضي يومه بالتاكيد على ان “الملا ابراهيم لا يحب ان يعيش وحده فدائما كان محاطا بجمع من اصدقاءه، سواء في الجامع او خارجه، ولكن غالبية وقته يقضيه داخل الجامع باعطاء الدروس الدينية لطلاب الشريعة ( دورات تحفيظ القرآن للصغار) كما لم يكن الملا ابراهيم خطيبا للجامع سوى مرتين واذكر ذلك كان بحدود عام 1995، حيث اعتلى منبر الجمعة، اما طوال هذه المدة كان اماما للمسجد. وكان الجامع عبارة عن مدرسة دينية ويأتون اليه الطلاب من عدة محافظات من الانبار والموصل ودهوك وسامراء ويبيتون عدة ليالي داخل المسجد. جميع المحيطين من الملا قتلوا بعد 2003 خلال معارك مع الامريكان، وبعد 2004 اختفى تماما عن الظهور في منطقة الطوبجي .”
وردا على سؤال بخصوص ان تولدت لديه اي قناعة بأن هذا الشخص سيكون يوما ما زعيما لاخطر تنظيم مسلح في العالم اجاب ابو محمد ان “الغريب في الامر ان ما ظهر على البغدادي قبيل انخراطه مع داعش مختلف تماما عما بدا عليه الان، حتى عندما يؤم المصلين اوقات الصلاة، لم يكن معروف عنه بأنه جهاديا لكن الوضع اختلف تماما بعد (احتلال العراق وتبنيه الفكر الجهادي حيث في احدى المرات وتحديدا في عام 2005 التقيته صدفة في مدينة الفلوجة عندما كنت ذاهبا لزيارة احد اقاربي هناك فسلمت عليه وقلت له مالذي تفعله هنا واقاربك في سامراء؟ فقال انا الان اقاتل الامريكان هنا)، اعتقاله من قبل القوات الامريكية ودخوله السجن، حتى الناس هنا ظنوا انه مجنون عندما رأيناه للوهلة الاولى وعند ظهوره على شاشات التلفاز حال اعتلائه منبر الخطابة الصيف الماضي بالجامع الكبير في مدينة الموصل .”
واضاف “تداولت كثيرا وسائل الاعلام صورا بدت قريبة للشخص الذي عاش (لفترة) بيننا وتلقى اولادنا تعليمهم الشرعي (تحفيظ القرآن) على يديه، لكن وعند اول ظهور متلفز بخطبته الشهيرة في الموصل كانت الفاجعة. مضيفا كون الموقف بالنسبة لي كان اقرب للصدمة حتى انتشر الخبر بين ابناء الحي بشكل مدوي، فهل يعقل ان يكون ذلك الشخص البسيط والمتواضع ذاته ابو بكر البغدادي.”
وعن مواقفه الطريفة مع البغدادي يشير انه “ذات مرة كنا نلعب كرة القدم في ساحة الطوبجي الشعبية (ساحة قريبة من الجامع وتحديدا خلف معمل الجوت) وتعرض الحجي ابراهيم الى اصابة بالغة في قدمه وبحكم امتلاكي بعض الخبرة بالاسعافات الفورية قمت بمعالجته ولكني ندمت كثيرا الان على هذا الموقف ودائما اقول لعائلتي لو كنت اعرف بأنه سيكون اخطر مجرم في العالم لما عالجته او اقتربت منه حتى( وتمنيت ساعتها ان اكون كسرت ساقه بدلا من معالجتها)، لكنه كان لاعبا ماهرا بكرة القدم ومن الصعب ايقافه.”
ويختم جار الزعيم الاحطر في العالم روايته بالقول “كان للحجي علاقات واسعة مع العديد من رجال الدين ( زملاءه من طلبة كلية الشريعة الذين كانو يبيتون في الجامع كونهم من محافظات مختلفة ) في كل المدن العراقية وكان جامع الحاج زيدان يعد مضيفا لطلاب العلم والشريعة الاسلامية ويزوروه بشكل مستمر، لكن كان له صديق مقرب جدا للملا ابراهيم ويدعي “ابو زهراء” (وهو كان ايضا في فترة التسعينات واقصد هنا ابو زهراء من طلاب كلية الشريعة وهو بالاصل من اهالي مدينة الموصل وكان حسب علمي امام وخطيب في احد جوامع نينوى ومعروف عنه الاعتدال في فكره الديني وخطبه امام المصلين)… ومع سيطرة داعش على الموصل ( اعتزل ابو زهراء المنبر وبات يصلي حاله حال بقية المصلين ولا يؤمهم في اي صلاة ..وعلى ما يبدو فقد نافق عليه احدهم امام عيون داعش فاعتقلوه وضربوه واهانوه وسالوه مالذي جعلك تعتزلنا؟ فقال لهم لا أؤمن بفكركم التكفيري ما جعلهم يحكمون عليه بعدم خروجه من المنزل لمدة عام كامل) .”