البصرة ـ الراصد 24 ..
لم يخطر للدكتور جاسم الحبجي الأستاذ في كلية التربية أن يتم استقدامه إلى مكتب مكافحة الإجرام، فعادة ما يستدعى إلى هذا المكان من يتهم بقضية جنائية.
وبعدما فرغ من محاضرته الأولى طلب منه الذهاب إلى الشعبة القانونية في الجامعة فوجد في انتظاره تبليغا بالحضور إلى شعبة مكافحة إجرام البلدة، وهو التبليغ الذي تلقاه عدد آخر من الكوادر التعليمية.
وجاءت التبليغات على خلفية خروجهم بتظاهرات مطالبة بتنحية رئيس الجامعة وإجراء إصلاحات إدارية، ما حمّل رئيس الجامعة الدكتور ثامر الحمداني الجراح المعروف بجراحة العظام والمفاصل على رفع شكاوى ضد المتظاهرين.
ويختصر الحبجي الأسئلة التي وجهت له في مكتب مكافحة الأجرام بالقول “بعد ساعات من الانتظار كانت أسئلة الاستجواب حول منشورات في صفحتي على الفيسبوك وحثي زملائي على الاستمرار بالتظاهر والمطالبة بإقالة رئيس الجامعة”.
ويقول الدكتور الحبجي إنه تجاهل في الوقت نفسه، إخطارا من إحدى الميليشيات الدينية يطالبه بالحضور إلى مقرها.
وتلقى الدكتور الحبجي عقوبات إدارية وصفها بالسابقة في مجال التعليم قائلا، إن “رئيس الجامعة عاقبني بإحالتي إلى المحاكم المختصة ونقلي خارج مكان عملي فضلا عن توجيه عقوبة التوبيخ التي هي اشد العقوبات التي توجه للتدريسي قبل فصله”.
وطال التوبيخ أيضا أساتذة في كليات أخرى بعد رفعهم شكاوى ومقترحات لرئيس الجامعة بشأن تطوير عملهم داخل الجامعة، بحسب أستاذ في كلية الهندسة حبّذ عدم ذكر اسمه.
ويبرر المحتجون مطالباتهم بإقالة رئيس الجامعة بزعم عدم احترامه الكوادر التدريسية وقراراته بوقف التقييم العلمي لهم ونقل العديد منهم إلى جامعات أخرى في المحافظات الوسطى والجنوبية، وقطع الرواتب وتأخير المنح المقدمة من الوزارة.
وأصدرت الرئاسة بيانا وصفت فيه الدكتور الحبجي بأنه “لا يمثل آراء المئات من الكوادر التدريسيين في الجامعة”.
وقال علي الكناني مدير إعلام الجامعة إن “جامعة البصرة لا تتبع لشخص واحد ولا تستهدف شخصا محددا وإنما هي مؤسسة علمية أكاديمية لديها مجلس جامعة مكوّن من (2 عضوا وتصاغ قراراتها وتوصياتها داخل هذا المجلس الذي يرسم سياسة الجامعة”.
وأكد أن “العقوبة الموجهة بحق الأستاذ الدكتور جاسم الحبجي جاءت بقرار من قبل لجنة تحقيق وزارية وبكتاب رسمي من الوزارة، على خلفية تشويهه سمعة الجامعة والمساس برئيسها، وليس بسبب التظاهر ضد الجامعة”.
وذكر أن “الجامعة تعرضت بصورة عامة للإساءة والممارسات الباطلة من الحبجي كما تعرض رئيسها وعائلته للسب والتشهير طيلة سنة كاملة من خلال رفع اللافتات المسيئة والنشر في صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، ما دعاه إلى اللجوء للقضاء لرد الاعتبار”.
بينما يقول المتظاهرون إن الاستقدام لشرطة الإجرام شمل خمسة أساتذة في الجامعة من كليات مختلفة، أربعة منهم يحملون شهادة الدكتوراه وواحد بروفيسور إضافة إلى موظفة إدارية، حيث تم التحقيق معهم وأفرج عنهم بكفالات مالية.
وقالت المشاورة القانونية في جامعة البصرة سناء الأسدي إنها استقدمت إلى مكتب شرطة البصرة لمكافحة الجريمة على خلفية اشتراكها في تظاهرة للمطالبة بالإصلاحات الإدارية في جامعة البصرة.
وأضافت “تم إطلاق سراحي بكفالة حيث وجه لها قاضي التحقيق تهمة الاشتراك بالتظاهرة والتشهير برئيس الجامعة”.
وألغي أمر تعيين الأستاذ المغترب في ماليزيا بروفيسور سلمان صاحب عطشان الصادر من وزارة التعليم العالي بتوجيه من رئيس جامعة البصرة بعد مشاركته في التظاهرات.
ويقول بروفيسور عطشان لقد “صدر أمر تعييني من وزارة التعليم العالي الخاص بالكفاءات الطبية المهاجرة وبأمر من وزير التعليم العالي، وبصراحة لم يتم قبول تعييني إلا بعد تدخل شخصية نافذة في احد الأحزاب، لكن رئيس الجامعة رفض الأمر الوزاري بعد مشاهدته لي في إحدى التظاهرات عن طريق التلفاز مبررا قراره بعدم الحاجة لخدماتي”.
من جانبه وصف جواد المريوش نقيب المعلمين في البصرة استجواب الأساتذة بأنه جريمة ضد الكوادر الأستاذة العليا وقمع لحرية التعبير عن الرأي وحرية الفكر والتظاهر.
ويؤكد المريوش عدم وجود مبرر قانوني لإصدار أوامر إلقاء القبض على الأساتذة لكنه يلقي باللائمة على الكوادر الأستاذة ويقول “أعتقد أن ما شجع رئيس الجامعة على رفع الشكاوى هو ضعف الأساتذة الجامعيين وعدم لجوئهم إلى نقابة المعلمين بسبب إصرار البعض منهم على التعالي واعتبار المعلم اقل درجة منهم”.
وتعتبر نقابة المعلمين الممثل الوحيد لجميع الكوادر الأستاذة في المحافظة بسبب عدم تشكيل أساتذة الجامعات نقابة خاصة بهم.
ولا تعتبر مذكرات الاستقدام بحق الأساتذة قانونية إلا في حالة القذف والتشهير وإخراج وثائق وكتب رسمية بدون علم المراجع العليا، على وفق الخبير القانوني محمد الكناني.
الكناني يقول “خلاف ذلك تعتبر مذكرات الاستقدام غير قانونية ومن حق الأساتذة التظاهر للمطالبة بحقوقهم ولهم الحق بإقامة دعوى بالمثل ضد رئيس الجامعة إذا حاول تلفيق التهم ضدهم من اجل ترهيبهم ووقف احتجاجاتهم”.
واتسعت رقعة التظاهرات الطلابية بمشاركة عدد من الأساتذة والمنددة بوزير التعليم العالي حسين الشهرستاني وتردي المستوى العلمي للجامعات لتشمل كليات البصرة والمثنى والناصرية والعمارة والكوت وكربلاء والديوانية وبغداد تحت مسمى (ثورة القمصان البيضاء) ويطالب المتظاهرون بإقالة حسين الشهرستاني وزير التعليم العالي وتغيير إدارات الجامعات وتحسين أوضاعها وصرف مستحقاتهم المالية التي اقرّها البرلمان العراقي سابقا.
وفي محافظة المثنى، أفرجت محكمة الاستئناف عن الأستاذ باسم كامل عبوسي بعد اعتقاله وعددا من الطلبة بتهمة قيادة تظاهرات الجامعة ضد زيارة وزير التعليم حسين الشهرستاني التي أرغم فيها على المغادرة.
وقال الدكتور العبوسي “أفرجت عني المحكمة بعد ضغط الاحتجاجات الطلابية بكفالة قدرها مئة مليون دينار وأنا حاليا تحت حماية مشددة من المتطوعين خوفا عليّ من الاغتيال، كما تم طردي من العمل في جامعة المثنى بعدما كنت أعمل بعقد مؤقت في قسم التنمية البشرية وقسم اللغة الانكليزية كتدريسي محاضر”.
ويواجه المتظاهرون من الأساتذة دعاوى قانونية وأوامر بالنقل والفصل من دوائرهم كما يواجهون مخاطر الاختطاف من قبل جهات مجهولة. (نقاش)