بقلم السيد سعد الراوي *
بعد خطاب السيد الصدر بالدعوة العلنية لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة توالت التصريحات بين المؤيد والمعارض من سياسيين أو مستشاريهم وغير السياسيين وقد تكون بعض التصريحات لبعض السياسيين سراً تختلف عن ما هو معلن، لن أخوض بالتفسيرات والآراء التي وردت من الكثير حول الطرق القانونية لحل مجلس النواب الموقر، بقدر ما أود أن أدوّن رأيي المتواضع في موضوع الانتخابات القادمة حتى لا تتكرر إشكالات انتخابات تشرين 2021م سواءً مبكرة أوفي توقيتاتها الدستورية وأوجز ذلك بالنقاط التالية: –
1- الانتخابات ممكن أن تفضي إلى الاستقرار السياسي والأمني الذي يعقبه اعمار وازدهار الأوطان بعد توفير الأجواء اللازمة والقوانين الواضحة الشاملة أو لا سامح الله أن تنتهي إلى ما لا يحمد عقباه في ظل التوترات السياسية والأمنية وشلل المنظومة الانتخابية.
2- كلنا يعلم أن الدول التي تدعو إلى انتخابات مبكرة لإنهاء أزمة وغالبا ما تكون أزمة تشكيل الحكومة في النظم البرلمانية وهناك توقيتات زمنية لإعادةالانتخابات فمثلا في استراليا خلال 36 يوم سنجد برلمان جديد وأيام معدودة تشكّل حكومة،كون قانونهم الانتخابي مفصّل وواضح لا يحتاج تأويل أو تفسير من المحاكم المختصة(522 صفحة) وما على المفوضية الا تنفيذ فقرات القانون بينما قانوننا الانتخابي لا يتجاوز 20 صفحة وفيه فقرات غير قابلة للتطبيق وأُخرى تحتاج تفسير وتأويل وغالباً ما يكسبها الفاعل السياسي لصالحه.
3- مؤلم أن أقول إن الكثير ممن صوتوا وأغلب من صرح أو أدلى برأيه لم يقرأ المنظومة الانتخابيةبدقة واقصد بها {قانون انتخابات مجلس النواب / قانون المفوضية / قانون الأحزاب/ قانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية/ كل الأنظمة والتعليمات التي تصدرها مفوضية الانتخابات} فكل هذه المنظومة تحتاج مراجعة بشكل عام وأما قانون الانتخابات فلا يصلح للانتخابات النزيهة بمعايير دولية وكتبت عنه الكثير.
4- الفقرة أعلاه لم أكتبها اعتباطاً أو لأجل أن انتقد أحد، لكن من خلال الحوارات والندوات واللقاءات كنت أطرح جزء من ثغرات فقرات القانون يستغرب بعض الساسة أو السادة أعضاء مجلس النواب المحترمون من وجودها في القانون فمثلاً{القانون لا يثق بسجل الناخبين / القانون لا يثق بالأجهزة الالكترونية التي تستخدمها مفوضية الانتخابات/ القانون يطالب بتشكيل لجان وتعمل لمدة عام لتدقيق سجلات الناخبين ولا أحد يأخذ أي صلاحية إدارية أو مالية ما لم تكتمل عمل هذه اللجان وحددها القانون فترة زمنية لمدة عام /.. الخ}. وهذا وغيره موجود بفقرات القانون الانتخابي. وهناك ملاحق تفصل ذلك.
5- استكمالا للفقرة أعلاه لنعود إلى الأحكام الختامية من قانون رقم 9 لسنة 2020م هناك فقرة مضمونها لا تعد نتائج الانتخابات في المحافظات كافة أساساً لأي عملية انتخابية مستقبلية أو سابقة لأي وضع سياسي أو إداري قبل الانتهاء من عملية تدقيق سجلات الناخبين.بحيث تشكل لجنة تدقق لمدة عام ولا نعرف نتائج التدقيق وكل شيء متوقع وإذا كان هكذا شكوك جسيمة في سجل الناخبين لماذا لا يتم تدقيقه قبل الانتخابات وتضع فقرات مفصلة في القانون بهذا الشأن. ففي المادة 40 عند قراءتها سنجد إننا بحاجة إلى إيضاحات جمّة لم تفصلها هذه المادة. ولا أحد يعلم حجم المشاكل بعد مضي سنة على تدقيق سجل الناخبين من 2005م إلى 2020م!! استغرب كيف التصويت على هكذا فقرة؟؟ ولم نجد من يقرأها الآن ويطالب بتعديلها أو إلغاءها قبل أن يصرح بقبول أو رفض الانتخابات المبكرة.
6- قانون الأحزاب أما يعدل أو يطبق على الجميع سواسية وإن تم تنفيذه ستسحب اجازات كثير من الأحزاب النافدة لمخالفتها القانون سواءً بمخالفة الاسم أو بوجود جناح مسلح أو.. الخ.
7- لا معنى لأي انتخابات إذا استمر التجاوز على القوانين ووجود اشخاص أو أحزاب فوقه،وخارج المساءلة. من يحل هذه المعضلة ولماذا لا يتطرق إليها المعترضين على إجراء الانتخابات؟
8- أكثر الحوارات تدور الآن حول الطريقة القانونية لحل مجلس النواب وهناك خلافات جسيمة في ذلك لكن ندرة أن نجد طروحات بأوراق مفصلة للاعتراض على المنظومة القانونية للانتخابات وماهي الإشكالات مع إيجاد طرق للحلول وهذه هي المعضلة وليس المشكلة بإيجاد طريقة لحل مجلس النواب.
9- هناك فجوة وأزمة ثقة بين شركاء العملية السياسية {السلطات الثلاث / الأحزاب السياسية/ مفوضية الانتخابات / المنظمات المحلية والدولية/ المانحون / الإعلام/ الناخبون.. الخ} وخصوصا بين المفوضية والأحزاب السياسية لذا نحتاج من يبادر بكسر هذه الفجوة وتعزيز الثقة والتعاون بينهم وأن بقيت ستبقى الشكوك وتستمر أزمة الثقة.
10- كثير من الأحزاب والمنظمات تتصور أن مراقبة الانتخابات في يوم الاقتراع فقط أو في فترة الانتخابات بل المراقبة تبدأ من صياغة القوانين الانتخابية، فقل لي من المخول بها وبتعديلها أقل لك من المستفيد فلم نجد أي متابعة ومراقبة مهنية وإعداد تقارير متكاملة ومتزامنة مع الجداول العملياتية للانتخابات وهذا مما دعى أغلب الأحزاب والمراقبين الاعتراض والشكول بعد إعلان نتائج الانتخابات.
11- إن لم تراعى النقاط أعلاه ويتم إيجاد صيغة للتواصل مع كل شركاء العملية السياسية للاتفاق على طريقة ديمومة التواصل وتعزيز التعاون لإنضاج منظومة انتخابية متكاملة ووفق المعايير الدولية فستبقى الإشكالات وتتعقد كل دورة انتخابية وبالتالي سوف نصل إلى طريق مسدود لا نعرف ما بعده.
12- هناك مواد وفقرات كثيرة لم أذكر أرقامها ولا تفاصيلها لأني أرى من الأفضل على الأحزاب والمنظمات قراءتها من مختصين وإعطاء الملاحظات والمقترحات لأي فقرة قبل أي حوار بين شركاء العملية السياسية لتعديل المنظومة بعدها ممكن أن يحدد موعد للانتخابات.
التوصيات:-
1- تبني مجلس النواب (اللجنة القانونية) أو إحدى الرئاسات أو إحدى المنظمات الدولية كالأمم المتحدة أو غيرها وبأسرع وقت لعقد ورشة عاجلة مع الإعلان مسبقاً لطرح موقع الكتروني واستقبال كل المقترحات والملاحظات قبل عقد الورشة وبالإمكان حضور أكاديميين وباحثين وممثلي الأحزاب والمنظمات للوصول إلى أفضل الحلول في كل فقرات المنظومة الانتخابية.
2- لا بدّ أن يكون سجل ناخبين موحد ومتكامل ولا يحرم أي ناخب من التسجيل والتصويت وكذلك طريقة عد وفرز النتائج موحدة موثوق فيها سهلة وواضحة.
3- لديّ مقترح حول معالجة إشكالات سجل الناخبين وجعله سجل موحد لكل العراقيين وله ورقة مفصلة.
4- لديّ مقترح إعلان النتائج لكل العراق بوقت (24) ساعة فقط وهذا يعتمد على اتفاق الشركاء للعملية السياسية وقناعتهم بالطريقة وكيفية إجراؤها ومراقبتها وحتى عرضها في موقع المفوضية.
5- ضرورة ادامة التعاون والتواصل بين كل شركاء العملية السياسية. وأعددت لهذا الأمر (المبادرة الوطنية للتعزيز الديمقراطية).
6- لديّ مقترحات كثيرة طرحتها بموضوع ((الإصلاح الشامل للمنظومة الانتخابية)) فلا إصلاح بتعديلات من هنا وهناك لفقرات من بعض القوانين الانتخابية نحتاج مراجعة شاملة ومتابعة مستمرة ليتحقق الإصلاح الشامل. حيث نجد حزب أوائتلاف يركز على ترسيم الدوائر وآخر على المعادلة الحسابية لتوزيع المقاعد وهكذا ويتركون الفقرات الأخرى دون حوار أو إيضاحات.
آملين أن نرى استجابة سريعة لمعالجة ثغرات القانون لإنجاز انتخابات موثوقة بطرق مدروسة وبمهنية عالية لتجنب ما لا يحمد عقباه وبتعاون كل شركاء العملية السياسية. حتى تسير العملية السياسية بطريق سليم وواضح ولا نعرف ما تؤول إليه نتائج انتخابات تجري وفق هذه الإشكالات الجسيمة فقد تطلق نتائجها طلقة الرحمة على مجمل العملية السياسية.
هذا ما وددت ايجازه لإيضاح مخاوفي من إجراء انتخابات وتناسي الإشكالات التي نحن فيها اليوم وعدم تكرارها إن لم نقل ستكون أشد وأعقد في أي حلول مرتقبة.
ولمن يرغب بالتفاصيل الدقيقة وبالحوارات المعمقة سأدون ملاحق أنشر عناوينها هنا لأني سبق وإن كتبت عشرات الصفحات دون أن تلاقي أي اهتمام، أو يتم تشكيل لجنة لدارسة الأمر أو تتبنى أي جهة رسمية أو شبه رسمية هذا الموضوع قبل فوات الأوان فليس المهم أن نكتب فقط أو نعترض بل المهم أن نجلس ونتحاور مع الجميع وكلٍ يدلو بدلوه عسى أن نصل إلى بر الأمان والله المعين لتحقيق هذه الامنيات.
*سعد الراوي نائب رئيس مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق/ الأسبق
كاتب ومستشار متخصص في الانتخابات