بغداد – الراصد 24 ..
مازالت القبيلة والعشيرة في العراق تلعب دورا مهما في الحياة السياسية، فمضارب القبائل والعشائر تحولت الى ميدان انتخابي يتبارى فيه المرشحون المنخرطون ضمن اللوائح الانتخابية ممن يعولون على انتماءاتهم العشائرية للوصول الى البرلمان الجديد في انتخابات ايار (مايو) 2018 ، مما يدلل على عمق تاثير التوجه العشائري وتقاسمه مع التوجهات الدينية والاقليمية في رسم خارطة المشهد السياسي في العراق.
ومع ضعف قوة القانون وانتشار المليشيات والاحزاب باتت العشائر العراقية ملاذا امنا للساسة المتهمين بقضايا عدة من جهة وجسرا يعبر عليه اخرون ولاسيما المنتمون لعشائر نافذة للوصول الى السلطة ومفاصل المؤسسات المهمة فيما بات التركيز في الانتخابات العراقية الحالية كبيرا على الزعامات القبلية ممن يمتلكون تاثيرا على توجهات افراد عشائرهم.
ويحاول عدد من زعماء القبائل العراقية المنتشرين في القرى والارياف باغلب المحافظات منافسة ابناء المدن عبر المشاركة في الانتخابات والوصول الى البرلمان العراقي لتمثيل عشائرهم وضمان بقاء او توسيع نفوذهم في محافظاتهم لاسيما ان البرلمان العراقي في دورته المنتهية يضم نحو 20 زعيم قبيلة نافذ يتمتعون بحصانة نيابية وتاثير في محافظاتهم ويسعى بعضهم لتجديد التصويت له في الانتخابات التشريعية مثل الشيخ محمد الصيهود شيخ عشيرة السودان والشيخ عبود العيساوي شيخ عشيرة ال عيسى وعلي الفياض احد زعماء عشيرة البو عامر فضلا عن شيوخ عشائر من الانبار وصلاح الدين وغيرهم.
ويلجأ المرشحون ضمن اللوائح الانتخابية الى مضايف او دوواين زعماء القبائل والعشائر العراقية الكبيرة لتسويق البرامج الانتخابية وتقديم الوعود لابناء القبيلة المستهدفة بالحملات الدعائية من اجل ضمان اصواتهم في مشهد يجسد التحالف السياسي – العشائري في العملية السياسية في العراق لكن الشيخ ضرغام صباح المالكي زعيم قبيلة بني مالك النافذة في العراق يدافع عن دور زعماء القبائل والعشائر في العملية السياسية الراهنة كما يدعم ترشحهم الى الانتخابات البرلمانية في منافسة اعضاء الاحزاب او الاكاديميين والتكنوقراط.
وقال المالكي في تصريح تابعته ( الراصد 24) الى ان “ممثلي العشائر في البرلمان معدودين ومعروفين وعملهم محصور بلجنة العشائر ولم تسجل عليهم شائبة بينما من ينتمي الى الاحزاب الاسلامية او العلمانية هم من يحصلون على الوزارات وتحوم حولهم الشبهات بالفساد ” منوها انه ” ابواب العشيرة مفتوحة لمن يزورها من المرشحين اذ لايمكن ان نوصد الابواب بوجه الضيف “.
ويحاول بعض شيوخ العشائر في القرى والارياف التوصل الى تفاهمات لضمان امن الانتخابات العراقية وعدم الانخراط في اعمال تمزيق ملصقات المرشحين التي أصبحت ظاهرة خارجة عن السيطرة ولاتستطيع السلطات الامنية ضبها
وافادت مصادر عشائرية لـ ( الراصد 24 ) بان”زعماء عشائر في بعض المدن والقرى والارياف وسط وجنوب العراق وفي ظل عجز العناصر الامنية عن التدخل توصلوا الى تفاهمات بمنع استمرار ظاهرة تمزيق صور المرشحين للانتخابات وملاحقة اي شخص يعمل على تشويه وتخريب الدعاية الانتخابية للمرشحين في الشوارع وان يتم تسليم المتورط الى السلطات الامنية ومحاسبته قانونيا وعشائريا”.
واوضحت المصادر الى ان “بعض اللوائح الانتخابية الكبيرة لجأت الى الاستعانة بزعماء عشائر صغيرة او شيوخ من الصف الثاني لشق وحدة القبيلة او العشيرة من اجل ضمان فوز مرشحيهم وتجاوز موقف الزعيم الاكبر للعشيرة في دعم مرشح على اخر”، مشيرة الى ان “بعض الكتل السياسية ضخت ملايين الدولارات من اجل ضمان مواقف بعض زعماء القبائل الى جانبهم وتوزيعها على بعض افراد العشيرة ضمن الحملات الدعائية”.
ومن ضمن الممارسات التي سجلها السباق الانتخابي تكفل عشيرة عراقية بمحافظة النجف بدفع نحو 100مليون دينار عراقي ( 85 الف دولار) لعشيرة اخرى اثر خلاف نشب بينهما بعد قيام شاب بتوجيه” قبلة ” لصورة انتخابية لمرشحة في الانتخابات وهو ما اعتبرته عشيرة المرشحة “عملا مسيئا” يستوجب دفع غرامة مالية من قبل العشيرة الاخرى.
واكد الدكتور علاوي المسعودي الاستاذ في كلية الحلة الجامعة ان “على شيوخ العشائر مسؤولية لبث الوعي لدى الجماهير حول عملية توزيع الاموال التي يقدم عليها بعض المرشحين وخصوصا مرشحي الكتل القوية، وهي بطبيعة الحال قد نهبت اموال العراق خلال فترة سيطرتها على الحكم بعد 2003 “، مشيرا الى اهمية “افهام الشعب العراقي بان الاموال المدفوعة ليست من اموال السياسيين وان عملية الغزو الذي اقدم عليه هؤلاء المرشحين لعقول الشباب واغراءهم بعبارات التعيين وغيرها ما هو الا استحقاق لأبنائنا”.
ويسعى بعض شيوخ العشائر بزيهم العربي التقليدي من المرشحين للانتخابات الى مزاحمة ” الافندية” من خلال التنقل بين القرى والارياف وخوض حملتهم الدعائية ببراعة لاتقل عن الساسة الكبار اذ شدد الشيخ وصفي العاصي نجل زعيم قبيلة العبيد في العراق والوطن العربي وامين عام حزب “باب العرب” الذي يتزعم قائمة تخوض الانتخابات في عدد من المحافظات العراقية بان ” القبائل قادرة على تعزيز وحدة الصف ونبذ الطائفية وترك الخلافات السياسية وتحقيق المصالحة المجتمعية”.
واضاف العاصي في تصريح لـ (الراصد 24) بان “العشائر هم صمام امان البلد ونتطلع بان يكون لهم دور فاعل خلال المرحلة المقبلة فضلا عن مشاركتهم الفاعلة في الانتخابات البرلمانية لاختيار الشخصيات الوطنية المرشحة للبرلمان القادم”.
ويشارك نحو سبعة الاف مرشح في انتخابات 12 أيار (مايو) المقبل للفوز بـ329 مقعدا في البرلمان العراقي الجديد.