الموصل – الراصد 24 ..
يبدو أن العراق يتجه نحو صراع جديد بعد أن تطهّر أرضه من تنظيم داعش، حيث تتحول المناطق المحررة الى غنائم حرب، من خلال فرض إرادات، لتوزيع سكاني جديد، إضافة الى رسم خرائط نفوذ ، لإعادة تقسيم الوحدات الإدارية، بحسب القوة الماسكة على الأرض، سواء كانت تحمل صبغة رسمية، أو تابعة لأجندة معينة.
وبدأت تظهر مخاوف من سكان المناطق التي يحتلها داعش، لما بعد تحريرها، في ظل وجود أجندات محلية وإقليمية تسعى لإجراء تغييرات ديموغرافية، الى جانب المشاريع التي تحاول إستغلال التطورات التي شهدتها البلاد بعد نكسة حزيران 2014 وما رافقها من أنشطة عسكرية متعددة التوجهات للتوسع المكاني، وإجراء ترسيم آخر للحدود تبعاً للمتغيرات على الأرض، والتي تحكمها القوة المسلحة.
ويخشى في ظل تصارع الإرادات على مناطق النفوذ أن تشهد المرحلة التي تلي ( داعش) صراعاً من نوع آخر يمثل الهوية الثانوية والإنتماء، فيما تغيب الهوية الأعم، وسط تفرج حكومي لمجريات الأحداث، لكن ربما يقحم التقسيم المرتقب الحكومة المركزية في حرب لتحديد المصير، بعد أن تدرك الخطر الذي أخذ يهدد وطن بالتشظي.
واحدة من بوادر الصراع المستقبلي، بدأت ترفع الستار عنها، برغم أنها ليست الوحيدة، لكنها ظهرت الى الواجهة بشكل جلي، والحرب أولها الكلام، كما تقول العرب ، ونقصد بذلك قضاء سنجار، التابع لمحافظة نينوى، ربما نشأ الخلاف أولاً مع الأيزيدين، الذي يمثل القضاء موطنهم، بعد إعلانهم الحكم ذاتي من خلال مجلس ( شنكال) المحلي، و( شنكال) هو الإسم الكردي لـ ‘سنجار’، لكن لايستبعد أن يتطور ليشمل الحكومة المحلية في نينوى ، وحتى الحكومة الإتحادية، إذا مانفذت حكومة إقليم كردستان ما أعلنته، وضمت القضاء الى الإقليم الكردي.
بداية الأزمة.
بعد إعلان القوات الكردية ‘البيشمركة’ تحقيق إنتصار كبير في قضاء سنجار وقيام رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، برفع علم الإقليم في القضاء، ترددت أنباء كثيرة عن حرب شوارع مستمرة.
فيما نفت مصادر أيزيدية وكردية أخرى أن تكون قوات بيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني لعبت دوراً مهمًا في هذه المعارك، ولاسيما وهي متّهمة بالتخلي عن القضاء الذي كان تحت حمايتها، عند وصول تنظيم داعش، فيما تدخّلت قوات ‘حرس شعب كردستان’ التابعة لحزب العمال نحو سنجار لإحتواء ما يمكن احتواؤه من الموقف هناك ودعم تشكيلات المقاومين من أبناء الطائفة الأيزيدية.
وأخيراً، شكّل الأيزيدون مجلساً مستقلاً لإدارة منطقة جبل سنجار، بحسب عضو المجلس الإيزيدي سامر كمال، الذي أكّد أن ‘سنجار ستمثل منطقة للحكم الذاتي للأيزيديين’، الذين تعرضوا الى الظلم والإضطهاد على يد تنظيم داعش.
وبيّن كمال أن ‘المُكون الأيزيدي قرّر تشكيل المجلس لمتابعة القضايا السياسية المتعلقة بقضاء سنجار، فضلاً على تشكيل قوة أمنية أيزيدية خاصة تتولى حماية القضاء’.
من جانبه، قال عضو مجلس إدارة سنجار، خدر صالح، إن عدداً من الشخصيات الأيزيدية النازحة في إقليم كردستان وسورية، شكلوا لجنة تحضيرية لإدارة سنجار، إضافة إلى تشكيل لجان أمنية ومالية واقتصادية وشبابية ونسوية، مؤكداً أن ‘مشاركة الأيزيديين في حكم أنفسهم لا يخالف الدستور، الذي منح الحق لسكان أية منطقة لإدارة شؤونه’.
وفيما أفاد صالح بأن ‘كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني تقف ضد هذه المطالبات غير القانونية لأنها تخالف إرادة أهالي سنجار، وتهدف إلى تقسيم (الوطن) إلى أجزاء في وقت يخوض فيه الإقليم حرباً على الإرهاب’، رفضت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، في برلمان إقليم كردستان، تشكيل (مقاطعة سنجار)، عادة أن ‘المنطقة جزء لا يتجزأ من الوطن’، وطالبت رئاسة وحكومة الإقليم بوضع حد لما أسمتها ‘السياسة العوجاء’، التي تسعى للتدخل في جنوب الإقليم.
بدورها أكدت حكومة الإقليم، رفضها لتشكيل حزب العمال الكردستاني الـ(PKK) إدارة مقاطعة سنجار، وعدّته ‘عملاً غير قانوني ومضاداً للدستور’، محذرة من ‘توترات سياسية وإدارية’، مشيرة إلى أنها تسعى لتحويل قضاء سنجار إلى محافظة بالتنسيق مع الحكومة المركزية.
وكان حزب العمال الكردستاني، قد أعلن يوم الجمعة الماضي، تشكيل مجلس مستقل لمقاطعة سنجار، واصفاً ذلك بـ’الخطوة التأريخية’ بالنسبة للكرد الأيزيديين، فيما بيّن أن المجلس سيكون الخطوة الأولى، للتأسيس لـ ‘إدارة ذاتية ديمقراطية’ في سنجار.