بغداد – الراصد 24 ..
مع أن طهران غابت عمداً عن تسجيل اسمها ضمن الدول المساهمة في إعادة إعمار العراق، على خلاف معظم دول المنطقة، لا سيما الدول الخليجية، لكنها اختارت بغداد منصة لإطلاق تهديدات ضد الولايات المتحدة، والتلويح بإطلاق أيدي قوى عسكرية شيعية لشن حملة ضد التواجد العسكري الأميركي في البلاد.
ويسعى النظام الإيراني من خلال أذرعه الناشطة في العراق، إلى مواجهة الضغوط الأميركية في ملفات إقليمية عدة، والعمل على تقليص الدور الأميركي في العراق، ووضعه في زاوية حرجة من خلال التهديد باستهداف القوات الأميركية في العراق بعد إسدال الستار على المعارك مع تنظيم «داعش».
وتعمل إيران من خلال حلفائها العراقيين، على مواجهة مساعي واشنطن لإنشاء قواعد عسكرية في مناطق عدة من العراق، وآخرها الأعمال الجارية لإقامة قاعدة عسكرية جديدة في المنطقة الصحراوية الواسعة، قرب منفذ الوليد في الأنبار (غرب العراق) لتكون قريبة من سوريا، وذلك في إطار الجهود الرامية لإحداث توازن مع روسيا وإيران في الصراع الدائر في الأراضي السورية.
فمن بغداد، حرّض مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، الفصائل الشيعية المسلحة على مواجهة التواجد الأميركي، واعتراض انتشار القوات الأميركية بشكل تدريجي في شرق الفرات في سوريا.
وأفادت مصادر مطلعة في تصريح صحافي أن «ولايتي التقى في بغداد، عدداً من الساسة الشيعة وقادة في الميليشيات الشيعية من أجل العمل على توحيد صفوفهم قبل الانتخابات التشريعية في 12 أيار المقبل، كما حضهم على أن يكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة الولايات المتحدة وقواتها في العراق في حال رفضها الانسحاب من العراق»، مضيفة أن «ولايتي شدد خلال لقائه، على أهمية توحيد المواقف وإطلاق حملة تصريحات سياسية واسعة، تتصاعد تدريجياً، مروراً بالاحتجاجات الشعبية، وانتهاءً بالعمل العسكري لمواجهة القوات الأميركية في حال عدم انسحابها من العراق خلال الفترة المقبلة».
ولفت إلى أن ولايتي «أشرف على تأسيس مجمع فقهي إسلامي، موالٍ للنظام الإيراني، يضم رجال دين من الشيعة والسنة من العراق ودول أخرى، لغرض إصدار مواقف مؤيدة للمرشد الإيراني علي خامنئي، في الملفات الإقليمية، سواءً في سوريا واليمن ولبنان، أو أي ملفات تتعلق بنهج السياسة الإيرانية».
وفي السياق نفسه، قال ولايتي خلال لقائه نائب الرئيس العراقي نوري المالكي إنه «بعد انتصار جبهة المقاومة على داعش، يجب أن نتحلى بالمزيد من اليقظة مقارنة بالماضي، في مراقبة أوضاع المنطقة»، محذراً من «مخططات واشنطن في تقسيم المنطقة وبث الفرقة والخلافات»، وداعياً من أسماها بـ«جبهة المقاومة إلى العمل للحؤول دون الانتشار التدريجي للأميركيين في شرق الفرات» في سوريا.
بدوره، حذر المالكي من «سعي واشنطن إلى الحصول على موطئ قدم جديد في العراق»، معتبراً أن «العراق ليس كاليابان وكوريا الجنوبية، وذلك بفضل المرجعية الدينية والثقافة الإسلامية الغنية».
وأكد المالكي أن «الحكومة العراقية كسائر أعضاء جبهة المقاومة، تعتقد أنه يجب عدم السماح لواشنطن بالانتشار في شرق الفرات»، مضيفاً أن «إنشاء قواعد عسكرية أميركية جديدة، سيُشعل موجة جديدة من الإرهاب، ويعزز التيارات التكفيرية التي تهدف إلى إضعاف جبهة المقاومة لا سيما إيران».
وكان ولايتي قد هاجم بشدة خلال افتتاح «المؤتمر التأسيسي للمجمع العراقي للوحدة الإسلامية»، الولايات المتحدة مجدداً القول إن بلاده و«عبر نفوذها في العراق وسوريا ولبنان، باتت قادرة على توجيه الضربات للسياسة الأميركية وإفشال مؤمراتها». ولافتاً إلى أن «الصحوة الإسلامية التي حملها الإمام الخميني، أنهت أي حكم ممكن للقوى الليبرالية أو الشيوعية».
عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلفي انتقد كلام ولايتي على صفحته على «فايسبوك»، قائلاً: «العراق أكبر منك، علي ولايتي، العراق ليس ولايتك، إن الذي يسيء إلى أحزاب العراق وقواه الوطنية غير مرحب به في العراق». وأضاف: «أرثي لحال المسؤولين العراقيين الذين جلسوا خاشعين لخطاب علي ولايتي وهو ينتهك الدستور، إذ يتهجم على التعددية السياسية والفكرية، بتدخل فظ بشؤون العراق الداخلية من دون أن ينبس أي منهم بكلمة اعتراض واحدة».
وكان ولايتي وصل أول من أمس، إلى بغداد، وعقد سلسلة اجتماعات مع المسؤولين العراقيين.
يُذكر أن القوات الأميركية انسحبت من العراق في عام 2011، ولكنها عادت وأرسلت آلاف المستشارين والخبراء إضافة إلى الطائرات لدعم القوات العراقية بعد ظهور تنظيم «داعش» في آب 2014.