عبدالامير المجر ..
من الامور التي علقت بذاكرتي من كتاب (فلسفة الثورة) للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ما ذكره عن احد اجتماعات القيادة المصرية بعد ثورة يوليو 1952 حيث كانوا يتداولون في شأن احد المسؤولين في النظام الملكي او من المعادين للثورة، ويذكر عبدالناصر، ان المجتمعين انتهوا الى ما يشبه القرار، وهو ان هذا الشخص، يجب محاكمته واعدامه! ويذكر عبدالناصر، انه قال لهم؛ اذا كنتم قد قررتم اعدامه مسبقا فما الداعي للمحاكمة اصلا؟!!
مؤخرا، انقسم مجلس محافظة النجف الاشرف بشأن اداء المحافظ،، وان تحالفا جديدا من كتل سياسية مختلفة قد تشكل وهدفه استجواب المحافظ عن (قضايا فساد وهدر للمال العام)، يتهمه المتحالفون ضده بها، ومن حيث المبدأ، تعد هذه المتابعة من صميم مسؤوليات المجلس بغية تصحيح وتقويم اداء السلطة التنفيذية او تغييرها، اذا ما ثبت تقصيرها اوعدم كفاءتها، بما يخدم المواطنين، وهي ممارسة لم تعتد عليها القوى السياسية عندنا، كونها ما زالت مشدودة لصراعات مستمرة على السلطة، اضافة الى عدم نضج التجربة وقلق المشهد السياسي بشكل عام.
الامر الذي لفت الانتباه في هذه المسألة، هو ان القوى المتحالفة ضد المحافظ ، ظهرت في مؤتمر صحفي وامام الفضائيات، وقد تحدثت عن تقاسم السلطة بعد اقالة المحافظ، وبشكل مفصل بينها، بدءا من (المحافظ الجديد)، او هكذا قال احد المتحدثين، وبقية المناصب الكبرى في المحافظة، ما جعل البعض يتساءل عن جدوى استجواب المحافظ الحالي، اذا كان قرار اقالته قد اتخذ مسبقا، ومن دون ان تسمع الناس ردوده على الاتهامات الموجهة اليه!
لقد كان على التحالف الجديد ان لا يجعل مصداقية حجج الاستجواب التي ساقها ضد المحافظ محط تشكيك، وان يمارس حقه القانوني باحترافية، لاسيما ان التغيير في النجف كان متوقعا من قبل المتابعين، كون كتلة “الوفاء للنجف” التي ينتمي اليها المحافظ عدنان الزرفي، ظلت تغرد خارج سرب “التحالف الوطني”، وان تحالف كتلة “دولة القانون” معها، والذي حسم منصب المحافظ للزرفي ورئاسة المجلس لـ”دولة القانون”، بعد انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة، كان محط اعتراض قوى “التحالف الوطني” في المحافظة التي ترى انها الاقرب الى “دولة القانون” وكان عليها التحالف معها، او هكذا سمعنا من بعض المتحدثين من تلك القوى، علنا او ضمنا، الا ان الحسابات الانتخابية القادمة او حسابات اخرى، دفعت بـ”دولة القانون” الى التحالف مع كتلة “الوفاء للنجف” التي لها ثقل لا يستهان به في المحافظة، وهو ما تجلى بشكل واضح في انتخابات مجلس النواب الاخيرة، التي انضمت بعدها كتلة الزرفي الى “دولة القانون” وعززت من موقفها، حتى بات زعيمها المالكي اقرب الى خطف الولاية الثالثة، لولا التطورات الدراماتيكية التي اطاحت بكل شيء بما في ذلك التحالفات القديمة، وقسّمت “دولة القانون” ايضا، الامر الذي مهد لتغييرات جوهرية بدأت في قمة الهرم وانحدرت الى المحافظات التي يشهد معظمها اعادة ترتيب وفقا للمعطيات الجديدة!.
