علي زيدان \ متابعة الراصد 24 …
خرج عبد السلام ابن الرئيس الراحل احمد حسن البكر عن صمته الطويل الذي دام لعقود بشأن سيرة د. فاضل البراك أشهر واخطر مدير لجهاز المخابرات العراقي ليساهم في تثبيت الحقائق التي يسعى البعض لطمسها وتفنيد السرد المشاع دون ادلة تؤرخ لحقبة زمنية ماضية.
وتتناول اغلب الروايات المنشورة في بعض الصحف او المواقع الإلكترونية قصة وكأنها حقيقة دامغة لا تقبل الدحض حتى باتت مسلم بها الا وهي المشاجرة المزعومة للبراك مع المرحومة زوجة الرئيس الراحل احمد حسن البكر ونقله بعدها الى موسكو، فإن الحقيقة وكما جاءت على لسان السيد عبد السلام احمد حسن البكر والذي خصني بشهادته بعد التواصل معه فكانت على عكس كل مايقال وينشر، اذ يقول في شهادته بشأن هذه الواقعة تحديدا وهي المرة الأولى التي يتحدث بشأنها ان ” الكثير يتناول هذه القصة ولكن ليس هناك سند حقيقي لها يعتمد عليه في اصل القصة فالوالدة رحمها الله كانت تتصل بسواق البيت ولا تتصل بالمرافقين او بالقصر الجمهوري نهائيا وبعض الاحيان كانت تكلف الخادمة بالاتصال بالسواق لتلبية الاحتياجات ولا يمكن لشخص مثل ابو علي ( د. فاضل البراك) المعروف بخلقه ان يتطاول على زوجة الرئيس احمد حسن البكر وهذا امر غير ممكن لا من ناحية الأخلاق ولا من العرف أو حتى الخشية من العقوبة فعلاقته مع الرئيس احمد حسن البكر رحمه الله كانت طيبة دائما ومثل هذه القصص لغرض الاثارة او التشويه”.
وتثير بعض المقالات تشكيكا بمدى أهلية البراك بنيل شهادة الدكتوراه من معهد الاستشراق التابع لاكاديمية العلوم السوفيتي الا ان حصوله على الشهادة لم يكن سهلا خصوصا لرجل في مقتبل العمر ولم يسبق له خوض تجربة الكتابة وأمر طبيعي ان يستعين طالب الدكتوراه بمن هم أكثر خبرة منه لتصويب اخطاء رسالته وانضاجها بالشكل الأمثل كما أن البراك كتب بنفسه وفي مقدمة طبعة كتابه الموسوم(دور الجيش العراقي في حكومة الدفاع الوطني والحرب مع بريطانيا عام 1941) شكراً وتقديراً لكل من ساعده على إنجاز رسالة الدكتوراه وتضمنت اسماء لاكاديميين سوفيت وعراقيين وعرب عرفانا منه لمن قدم له المساعدة ومنهم غفوروف والياس فرح وغيرهما وكما موجود بالصفحة المصورة للشكر والتقدير لادراك بأن لا شيئ يمكن اخفاؤه او التغطية عليه وبذلك فإن أهلية البراك لا أعتقد بأنها محل للطعن بشهادة من عاصره وتعامل معه أو عمل معه.
وبعد حصول البراك على رسالة الدكتوراه من موسكو بفترة وجيزة تم تعيبنه بمنصب مدير الأمن العام وبقرار من رئيس الجمهورية.
ويؤكد السيد عبد السلام البكر في معرض حديثه بشان العلاقة بين الرجلين بانها كانت” جيدة جدا ولم الحظ اي شيئ سلبي فيها فقبل وفاة الرئيس البكر بمدة ربما نهاية 1981 او بداية 1982) بعد سنوات من تخليه عن الرئاسة ) ذهبت لمجلس فاتحة ابراهيم الحسن (ابو برزان وسبعاوي ووطبان وزوج والدة صدام حسين) في قاعة الخلد ورأيت الوالد جالسا وجاء ابو علي (د. فاضل البراك) وجلس بجانبه وطول الوقت كان يتحدث للوالد ويضحك الوالد أكثر من مرة” لافتا إلى أن” تولى الدكتور فاضل البراك بمنصب مدير الامن كان قرارا جاء بقناعة من الرئيس البكر فلا يمكن في ذلك الوقت ان يعين شخصا بهذا المنصب الحساس تحت الضغط ولم يكن في ذلك الوقت وجود لما يطلق عليه اسم جناح او محور او تكتل هو ربما محسوب على الوالد ( احمد حسن البكر) من جهة ولكنه كان صديقا للرئيس صدام حسين فجاء تعيينه بمنصب مدير الامن العام نتيجة لمزاياه وامكانياته وقدراته وفقا لقناعة الرئيس البكر بذلك”.
ويسرد السيد عبد السلام البكر روايات عدة تثبت قوة العلاقة بين الرجلين ومنها” انه في مرة من المرات كنت مع الرئيس البكر في سيارة واحدة ومعنا طارق حمد العبدالله يجلس الى جانب السائق ورويت فكاهة كانت منتشرة انذاك تدور احداثها بين ضابط قوات خاصة وضابط امن، فضحك الرئيس رحمه الله كثيرا وابلغ طارق الحمد بالاتصال بالبــــــــــراك الذي كان مديرا للأمــــــــن العامة وروى المزحـــــــــة له مما يدل على المودة والملاطفة وروح الفــــــــكاهة الموجودة بين الرئيس والبراك”.
وفي معرض تقييمه لمسيرة الدكتور فاضل البراك العملية والسياسية والفكرية، يلفت السيد عبد السلام البكر بالقول” باعتـــــــــباري كمراقب فان اغلب المدراء في جهازي الامن والمخابرات او من عمل معه وصفوه في كتاباتهم وبحسب اطلاعي بانه من افضل من تولى منصب مدير الأمن العام ومدير جهاز المخابرات وأكدوا بانه احدث تغييرا في جهاز المخابرات وعمله ووضع منهجية ودستوراً للمخابرات وفقا لاحد العاملين معه فضلا عن الاستعانة بذوي الكفاءة والاختصاص في جهاز المخابرات مما يدحض فرية الخيانة، فمن يريد الخيانة لايمكن له تطوير الجهاز او يعيش بشخصية الخائن وشخصية من يحمي البلد وامنه واستقراره وكان البراك يدعم عمل جهاز المخابرات باخلاص وكفاءة وتركه بافضل حال لذلك فالبراك لايملك نزعة عدوانية عدا ان تركيبة الجهاز ودوره هي بهذا الشكل كما لم يثري بشكل غير مشروع او يعتدي على شخص او نازعه على ملك ما وكان يميل للتراضي والحوار”.
ويشير السيد عبد السلام احمد حسن البكر الى ان “الرجل (فاضل البراك) كان مثقفا ويملك مكتبة شخصية كبيرة ومصنفة وكان يلتقي ببعض المؤرخين والمثقفين وابلغته ذات مرة بشان منع محمود شيت خطاب من السفر فارسل له سيارة والتقى به وسهل إجراءات سفره كما يعجبه اللقاء مع الشخصيات التي لها عمق فكري وثقافي وكان يمتلك رؤية واسعة عن الدول الاوربية فهو رجل مخابرات له اطلاع على مايدور في العالم والسياسات الخارجية فضلا عن كونه اسهم بدعم المثقفين وتعزيز العلاقة معهم “.
وانخرط البراك في مجال التأليف مبكرا فبعد كتابه الموسوم(دور الجيش العراقي في حكومة الدفاع الوطني والحرب مع بريطانيا عام 1941) وهو بالأصل رسالة الدكتوراه صدرت له مؤلفات (المدارس اليهودية والايرانية في العراق) و(مصطفى البرزاني الاسطورة والحقيقة) وهما الكتابين الاشهر له واللذان حققا مبيعات ورواج كبيرين كونهما يزخران بمعلومات لم ولن تتاح سوى له بالإضافة إلى كتاب (تحالف الاضداد) و(ستراتيجية الامن القومي)، فالبراك كان ذا علاقات واسعة في الأوساط الثقافية والأكاديمية كما ربطته صداقات وثيقة مع كتاب ومثقفين وصحفيين كبار وكان يجد نفسه معهم رغم منصبه الأمني الخطير الذي سخره أيضا لخدمة بعض المغضوب عليهم ايام سلفه كما حصل مع الدبلوماسي المخضرم والكاتب والمؤرخ نجدت فتحي صفوت الذي تم تسهيل سفره الى لندن ومنحه جواز سفره المحجوز لدى جهاز المخابرات بعد مشاركته في مؤتمر ببغداد في عهد رئيس المخابرات برزان التكريتي عقب اسبوع من تسلم البراك لمنصبه في الجهاز.
ويروي السيد عبد السلام البكر مواقف عن مرونة البراك في التعامل مع بعض القضايا المهمة او التي على تماس بحياة البسطاء من الناس منها والكلام للبكر الابن بانه” بعيد انتهاء الحرب العراقية – الايرانية تم تشكيل لجنة لمراجعة القوانين والقرارات التي اتخذت بحكم ظروف الحرب لالغاءئها او تعديلها تخفيفا عن الناس ولاضفاء أجواء السلام وكان الدكتور البراك عضوا في اللجنة او رئيسها ( لا أتذكر) واخبرني بأن العجيب اصرار بعض الوزارات على التشديد بحجة وجود دواع امنية وانا الذي امثل الجانب الأمني أصر على التيسير وعدم التشديد ماضيا بالسرد” كما اتذكر موقفا انسانيا فقد جاء رجل كردي كان يسكن بغرفة في مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني حاملا قضية امراة باكستانية مجنسة بالجنسية العراقية وزوجها ايضا مجنس لكن لديها بنت صغيرة من زوجها الاول لاتملك الجنسية وعندما بلغت البنت 18 سنة تم انذارها من قبل دائرة الاقامة بمغادرة العراق فشاهدت حالتهم المزرية وقالت لي لا نعرف أحدا في باكستان والبنت ولدت بالعراق او جاءت صغـــــيرة جدا وتقدم لخطبتها شاب كردي وذهبت لمنزل الدكــــــــــتور فاضل البراك حاملا شكوى هذه العائلة لغرض منحــــــــها اقامة لمدة ستة اشهر وتم الأمر ومنحت الإقامــــــــــة لستة أشهر وخلال هذه الفترة تم خطبتها وزواجها وبقيت في العراق”.