بغداد – الراصد 24 ..
طغى التفاؤل والامل بالسلام والاستقرار على مراسيم قداس ميلاد السيد المسيح (ع ) والاحتفالات التي جرت في الكنائس المنتشره باغلب المدن العراقية في ليلة الميلاد والصلاة صباح امس بعدما طويت صفحة تنظيم “داعش” السوداء بكل مافيها من نزوح والم ومأسي مرت على المسيحيين في مدينة الموصل او نينوى ( شمال العراق) عموما على يد المتشددين.
وسادت مظاهر الفرح على المشاركين في القداس والصلاة سواء في بغداد او البصرة او الحلة او اربيل او الموصل التي شهدت اول قداس بعيد الميلاد بعد زوال داعش من المدينة التي اجتاحها في حزيران ( يونيو) 2014 وتم طرده منها قبل اشهر لتعود الاجراس تقرع في كنيسة ماربولس للكلدان في حي المجموعة الثقافية في الموصل التي تم اعادة اعمارها ونشر الزينة فيها على يد شباب مسلمين من سكان المدينة التي كانت تضم نحو 30 كنيسة.
ونينوى وضمنها الموصل من اقدم مواطن المسيحيين في الشرق حيث تعود جذورهم الى القرون المسيحية الأولى ودفع اضطهاد المتطرفين للأقليات في المحافظة خصوصا الإيزيديين والمسيحيين وبينهم الكلدان والسريان والاشوريين، الى نزوح جماعي من مناطق سهل نينوى فضلا عن هجرة الكثير من العائلات الى خارج العراق.
وفي بغداد حافظت كنيسة “سيدة النجاة” في منطقة الكرادة ببغداد على بهاءها والقها في ليلة الميلاد رغم الذكريات الاليمة التي مرت على العشرات من المسيحيين الحاضرين للقداس واغلبهم اقارب واحبة من سقطوا ضحية الهجوم الدامي عليها قبل سنوات على يد المتشددين.
وفي “كاتدرائية مار يوسف للكلدان” ( شفيع العمال) في الكرادة خارج وسط بغداد انتصبت شجرة الميلاد في الباحة وامتلات اجواء الكاتدرائية في قداس احتفالي كان على رأسه البطريريك لويس ساكو بطريرك الكلدان في العراق والعالم، بتسابيح المصلين والتراتيل وسط رائحة البخور وقرع الاجراس وهو ما منح المكان مهابة واجلالا.
وارتدت الكاتدرائية حلة جديدة وعادت اليها الحياة من جديد بعد اعادة اعمارها، فالكنيسة التي افتتحت في عام 1956 بنيت انذاك بطابوق وجص وتمت تغطية سقفها بمادة معدنية تاثرت بالعوامل المناخية لكن بعد اعادة اعمارها تم تزيين جدرانها بلوحات فنية وتغطية سقفها من الداخل بخشب جميل يتوسطه صليب مشرقي كبير فيما تم رفع السقف المعدني ليحل محله “قرميد خاص بينما اقيم في الفناء الجانبي نصب يخلد مذابح “سفر برلك” وشهداء اعمال الارهاب ما بعد 2004.
وقال البطريرك ساكو في كلمته خلال احياء ليلة عيد الميلاد ان “الميلاد ميلادان في هذه السنة الاول ميلاد السيد المسيح والولادة الثانية عودة المئات او الالاف من العوائل المسيحية الى مناطقها بعد هزيمة تنظيم داعش”.
واضاف البطريرك ساكو ان”المسيحيين في منعطف دقيق وخطير يحتم علينا ان نفكر بطريقة جديدة لحل المشاكل عبر الحوار الهاديء والتفاهم والاحترام والتضامن ولنمد يدنا لبعضنا البعض ونتمسك بالوطن وبالعيش المشترك والعلاقات الاخوية الطيبة وننبذ التشدد والعنف والشحن الطائفي والخلاف والانستسلم ونسلم الوطن الى من يسعى لزرع الفتنة.”
ودعا بطريرك الكلدان في العراق والعالم الجميع الى” الاعتدال والانفتاح والعودة الى منطق الدولة والقانون والمؤسسات ودعمها لتحمي الكل وتدافع عن الكل وتحافظ على حقوق الكل وكرامتهم ” مشيرا ان” المسيحيين جزء من النسيج العراقي المتنوع والجميل ونبقى مرتبطين بوطننا ومتمسكين به كشهود محبة وسلام وتعاون وازدهار”.
وطالب البطريرك ساكو من المسيحيين بان يكونوا “قوة تغيير ايجابية في المشهد العراقي ويساهموا ببناء البلد وباشاعة ثقافة التسامح والاحترام والحرية وترسيخ ثقافة الحوار البناء الحضاري والهادئ بهدف تحقيق المصالحة الوطنية والتي تكون من خلال طي صفحات الماضي وفتح صفحات جديدة لتحقيق رسالة الميلاد”.
من جانبه شددت الشابة المسيحية ندى وديع اثناء مشاركتها في قداس الميلاد عن تمسكها بـ ” البقاء في العراق رغم الماسي التي مر بها المسيحيون”، مشيرة الى ان ” الحرب مهما طالت فان السلام لابد ان يعم من جديد والمسيحيون يقولون المجد لله في العلى وعلى الارض السلام فالسلام هو مطلب كل انسان فكفى حروب وخراب”.
وبحسب مصادر كنسية مسيحية فان عدد المسيحيين حاليا في العراق انخفض كثيرا عما كان عليه قبل نحو عقد من الزمان ويقدر الان بحوالي نصف مليون مسيحي بعد ان كان عددهم قبل عام 2003 يفوق المليونين مسيحي هاجر اغلبهم الى اوروبا واميركا بعد ان تعرض الكثير منهم الى التهديد فضلا عن الخوف من اعمال القتل والخطف التي تعرض لها عدد كبير من المسيحيين على مدى السنوات الماضية.