بغداد / رحيم الشمري
نظم “معهد التقدم للسياسات الانمائية “الذي يديره وزير التخطيط الاسبق النائب الدكتور مهدي الحافظ ، ندوة موسعة لمناقشة تقرير الفريق الاممي حول حقوق الانسان واحوال النازحين بعد التحرير في العراق ، وتحدث خلال الندوة كل من السفير ورئيس دائرة حقوق الانسان في وزارة الخارجية العراقية الدكتور حسن الجنابي وعضو المفوضية العليا لحقوق الانسان الدكتورة بشر ى العبيدي وجرت مداخلة لكل من النائبين محسن عثمان عن لجنة المهجرين والمرحلين والمغتربين النيابية والنائب شوان الداوودي عن لجنة الثقافة النيابية ، كما جرت مناقشة ما طرح من حقائق وارقام حول معاناة النازحين العراقيين وتقرير الفريق الاممي حول حقوق الانسان .
وتحدث مدير المعهد النائب الدكتور مهدي الحافظ مشيرا الى حساسية الموضوع حيث يوجد في العراق الان ما يقرب من ثلاثة ملايين نازح وهذه مشكلة لم يكن العر اق ملم بامور من هذا القبيل في وضع استثنائي ، واليوم نجد انفسنا ملزمين بان تعالج هذه القضية بطريقة سليمة وموضوعية للتوصل الى بعض التدابيرالتي من شانها ان تساعد النازحين على تجاوز هذه المحنة وهي ليست قضية حكومة او فرد ولا منظمة بل هي قضية وطنية عامة ولابد ان تبحث بهذه الروحية ، المشكلة الرئيسية الان هي مشكلة كيف يمكن ان تؤمن المساعدة المطلوبة للنازحين بدون تدخلات وللاسف الشديد حصلت تدخلات وادت الى اتهامات كثيرة ، ويهمنا نحن بالدرجة الاولى ان تعالج هذه القضية بطرق سليمة وفعالة وبدون ذلك يصبح الحديث عن هذا الموضوع حديث غير مجدي بالظروف الراهنة .
واوضح الدكتور حسن الجنابي ان موضوع حقوق الانسان في العراق هو موضوع جديد والنقاش حول حقوق الانسان هي عملية غير منتهية بل مستمرة والمتابع لقضية حقوق الانسان يجد ان الجيل الاول لمسالة حقوق الانسان التي تعني حرية التعبير السياسية وبعد الثورة الفرنسية حصل ما يسمى الجيل الثاني من حقوق الانسان المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والان هناك جيل آخر من انظمة حقوق الانسان المتعلقة بالحريات الفردية ان العراق بلد فقير بحقوق الانسان وهو من البلدان التي ابتليت بالحروب التي يقع فيها العدد الكبير من القتلى والضحايا والتدمير الا ان الحروب في القانون الدولي هو قتل شرعي حيث فقدان الاشخاص في ساحة المعركة وهناك القتل غير المشروع وهو القتل العشوائي الذي يكون خارج اطار هذه الحروب ، ولكن في مجال حقوق الانسان الضحية هو ضحية بغض النظر عن الطرف الذي كان يقاتل فيه سواء كان من الطرف المعتدي ام المعتدى عليه ، واعتقد ان في العراق الحديث النظام السابق يتحمل مسؤولية كبرى عن الانهيارات المريعة في مجال حقوق الانسان نتيجة للاديولوجية القمعية التي كانت سائدة وسلسلة الحروب التي تختفي معها حقوق الانسان للمواطن الفرد والسؤال هنا هو هل هذه الحقوق هي للفرد ام حقوق مجموعة ، واديولوجية النظام السابق لم تكن تعترف بحرية الفرد وكنا نتحرك باسم امة او كتلة بشرية معينة ، وترافق هذه العملية الافكار اليسارية ايضا منها فكرة العنف الثورية وفكرة الكفاح المسلح وكل هذه الافكار اسهمت بتراجع حقوق الانسان اما قضايا معينة كبيرة منها قد تكون احلام جميلة رائعة للمواطنين وعندما نطبق معايير حقوق الانسان عليها نجدها حركات ثورية بما فيها المعادية الدكتاتورية لم تكن تنظر الى هذا الامر بصورة واضحة ظاهرة الارهاب .
وتحدث السفير الجنابي عن ظاهرة الا رهاب واصفا اياها بانها عملية عنف اكثر من الحرب ، وهي قائمة على قمع اي شيء له مساس بحرية فرد معين او مكون معين او مجموعة بشرية معينة وبالتالي ايقاع الخسائر بضحايا ابرياء وهو عمل جدا عاديا في فكر الا رهاب ، وقد تصاعد الارهاب في العراق قبل عام 2003 وصرنا نتعامل مع جثث وضحايا واشلاء وقتل غير مسبوق ابدا وفجأة ظهرت لنا داعش في حزيران 2014 وملف حقوق الانسان في العراق هو ملف مجزء ومقسم و كانت لدينا ردود افعال بالتعالطي مع مسالة حقوق الانسان بعد عام 2003 فهذا الارث الرهيب من الحروب و القمع السياسي والاجتماعي ظهرت لنا داعش التي ار تقت بمستوى العنف بدرجات غير مسبوقة واصبح ضحايا داعش خليط فاصبح الداعشي يفضل الداعشي الاخر الاجنبي عن ابناء وطنه وعلى ابناء جلدته وهذه ظاهرة غريبة لم تحصل سابقا فكنا امام خيارات اما ان نفعل شيء او لا نفعل فدعونا الى عقد جلسة استثنائية لمجلس حقوق الانسان وهو الوريث عن لجنة حقوق الانسان التابعة الى الا مم المتحدة واصبح مقر المجلس في جنيف وهو يعقد جلسات الاعتيادية ثلاثة ولكن اذا كانت هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان في مكان معين بامكانه ان يعقد جلسة استثنائية وعلاقة العراق مع لجنة حقوق الانسان الدولية متوترة نظيفة وجدنا من الضروري دعوة مجلس حقوق الانسان الى جلسة استثنائية للتعاطي مع حقوق الانسان التي نتجت عن هجوم داعش ونجحنا بعقد هذه الجلسة وكان هناك تعاطف دولي كبير مع العر اق لان العالم كان مندهشا من حالة القتل المتعمد وخاصة للايزيدين والمسيحين فكانت الجلسة الثانية والعشرين وصدر عنها قر ار عن حقوق الانسان في العراق حيث تم ارسال فريق تحقيق دولي لتوثيق الجرائم التي ارتكبت ما بعد حزيران ولم تكن لدينا توقعات بان الفريق سوف ينجز عملة بشكل كبيربسبب ان مجلس حقوق الا نسان اذا ما شكل فريق تحقيق سوف يخرج عن مهامه في المراقبة وهناك خوف من ان يصبح هذا التحقيق ممارسة عادية ولكن النقاشات غير الرسمية استطعنا عبر ها ان نحدد الجرائم التي ارتكبها داعش في مناطقه اضافة الى الوقت وفعلا قدم التقرير يوم 25 اذاروكنت حاضر ا في العراق قمنا بتشكيل لجنة وطنية لمتابعة ومساعدة الفريق الا ممي العامل على التوثيق وكانت هذه اللجنة محايدة وكان الفريق قد قابل جهات عديدة للوصول الى الحقائق .
واكد الدكتورالجنابي ان التقرير قصير الا انه مهم وفيه شيء من الخطورة وليس من مصلحة احد التغافل عن التقرير وعلينا ان نبحث في هذا التقرير جيدا ، مع افتقارنا الى التوثيق ، نعلم ان عدد النازحين 3 ملايين نازح ولكن لا احد يعرف عدد القتلى بيد داعش ، التقرير تكون من اربعة اجزاء ، وقد كتب في جنيف وهو تقرير مسيس ، وتم تصنيف الحرب بانها حرب محلية وليست دولية وهذا خلل كبير في التقرير .
فيما تطرقت عضو المفوضية العليا لحقوق الانسان الدكتورة بشرى العبيدي الى الجوانب العملية التي قامت بها المفوضية والتي تنحصر عن النزوح خلال مدة 2014 ولحد الان والتي تعد كارثية ومؤلمة جدا فعدد النازحين تجاوز 3 ملايين شخص الغالبية منهم من النساء وهن اكثر من 70% والنساء وحدهن يواجهن الوضع الامني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي وهن غير مؤهلات لمثل هذه المواقف فمجتمعنا عشائري يقوم على التقاليد والاعراف وهو ضد المراة ، ومع ذلك واجهت هذا الواقع بشجاعة ، لقد زرت دهوك وكر بلاء والبصرة وبغداد والتقيت النازحاات وكان معظمهن يواجهن مشاكل عديدة ,لكن منطقة عن منطقة هناك اختلاف ففي كربلاء مثلا كان وضع النساء اكثر رفاهية من بقية المناطق ولكن تبقى قياس المشكلة مختلفة كانت اكثر المشاكل ايلاما هي التي واجهتها النساء اللواتي نجون من داعش ، وكان عددهن ليس بالقليل برغم عدم دقة الاعداد ، والمختطفات لدى داعش هن من الا يزيديات والمسيحيات والمسلمات ، وقد التقيت بنساء وبنات من المكون الايزيدي الذي نجحن في شرح مشكلتهن الى العالم وجذبن الراي العام العالمي الى قضيتهن ، مع ان التركمانيات تعر ضن الى نفس المشكلة ، ووفق اعرافناوتقاليدنا فان العار يلحق بالمختطفة طوال العمر وهي ضحية ، فلدينا موروث ثقافي يؤكد على ان ما تتعرض له النساء يستخدم كسلاح لاهانة المجتمع العراقي ونحن الذين اعطينا هذا السلاح وقلنا للعالم ان شرف الفرد يكمن في ( وسط البلد ) للمر أة فنحن السبب ولكن يجب استخدام موروثنا بشكل ايجابي ، واشارت العبيدي الى ان مجموع المفقودين من الايزيدين هو (3583) بينهم 1597 نساء و1986 رجال ولا يعرف ان كانوا مختطفين ام شهداء وتم تحرير 441 ايزيدي منهم 280 فتاة بعضهن حوامل مع ملاحظة ان هذه الاعداد لا تتجاوزنسبة دقتها 70% -80% لعدم معرفة اي جهة او شخص اعد هذه الارقام وهل الاعداد حقيقية ، وقد بينت اللفتيات اللواتي التقينا بهن ان اعمار الفتيات اللواتي تم اختطافهن تتراوح ما بين 8-35 سنة تعرضن الى ابشع انواع الانتهاكات من قتل واغتصاب واستغلال جنسي وايذاء وسوء معاملة واتجار وزواج قسري وتغيير للدين وعمل سخرة كخادمات في منازل الارهابيين كما كان من بين المختطفات مسلمات ولم يكن ايزيديات فقط .
وشددت الدكتورة العبيدي ان هناك مشكلة وهي الفتيات الحوامل والقانون يمنع اجهاض حتى مثل هذه الحالات كيف سيكون مصير الا بناء ؟ فالتبني لدينا محرم وكيف سيعيش مثل هذا الطفل في مجتمع ينظر اليه بانه ابن داعش ، الام كيف تتقبله ومن هو الذي يتقبل مثل هذا الطفل وهذه المشاكل يجب ان ننظر اليها مستقبلا وفي مرحلة ما بعد داعش قالوا لي بعض المنظمات عندما كنت في امريكا انه يرغبون بتنبنيهم خارج العراق ولكن هذا لا يجوز ايضا لانه شكل من اشكال الاتجار بالبشرالبعض قال ناتي بهم الا دور الدولة ولا احد يعلم بهم وهذا لا يمكن وهذا الطفل سيبقى الى ان يموت معروف عنه انه ابن داعش فنحن مجتمع لا يخفى عليه شيئا فكيف ننصف هؤلاء الا طفال الابر ياء ، والمشكلة الا كبر هو الاتجار بالبنات ليس في سوريا بل في بيروت ودول الخليج وحتى الى دول اوربية وطلبنا من الامم المتحدة مساعدتنا لاسترجاع هؤلاء البنات ومع ذلك تبقى المشكلة ، وعلما ان احدى البنات الناجيات من داعش يرفض اهلها باستلامها واخوانها يرفضون لا نها مصدر للعار، والمشكلة الاخرى هي ما بعد داعش والام هي المسؤولة على اسرتها وستواجهها مشكلة ، والشيء الاخر كيف نقدم المساعدات لهؤلاء النساء النازحات والنساء ضحايا داعش ، العلاج هو ابعادهم عن مجتمعهم او اخراجهم خارج العراق وشباب ايزيديين طرحوا حلا اخر وهو استعدادهم لزواج مثل تلك النساء الضحايا وهو ليس بالحل الناجح حيث تبقى الوصمة الاجتماعية ولدينا مشكلة التوثيق للجرائم لكي نطرحها على المحاكم سواء الدولية او الوطنية فليس لدينا ثقافة حفظ الادلة وعلينا ان نطلب من الجهات المعنية عدم اهمال الادلة لكونها الدليل القاطع .
ووصف النائب محسن عثمان من لجنة المهجرين والمرحلين والمعتربين النيابية وضع العراق الحالي ببؤرة للصراع في المنطقة والحديث من ان عدد النازحيين قد وصل الى 5 ملايين هم من النازحين والمرحلين خارج البلد مما يستدعي عقد مؤتمر دولي للعراق ، فقد مرت الشعوب بحروب مذهبية عديدة الا انها اخذت الدروس والعبر ومنها الشعوب الاوربية وهي الان متطورة ونحن نعرف ان الحرب هي امتداد لسياسات اخرى ولدي احصائية ساعطيها للدكتورة بشرى عن عدد النساء والاطفال الذين تم تحريرهم وهم بعدد 1500 شخص ودعونا وزيري الصحة الهجرة والمهجرين فهناك ارقام متباينة عن عدد النازحين الحقيقين في كل من دهوك وشقلاوة التي تمر بظروف مالية حادة حيث نعاني من عدم السيولة في البنوك ، وعن المغتربين الذين جاءوا من سوريا قال النائب عثمان انهم بحدود 350 الف عائلة ومشاكلهم عديدة منهانفسية واجتماعية والاقليم يعاني من تزايد عدد النازحيين مما يشكل اعباء كبيرة له .
النائب شوان الداوودي قال انه من كركوك و نازح منذ 1991ذهب الى ايران وبعد عودته بدات مشاكلته حيث المناطق المتنازع عليها وهناك مناطق غير مستقرة وفي كركوك هناك 280 الف شخص نازح وهذا العدد الكبير يشكل ثقلا على المحافظة منهالا استهلاك الكهرباء ومشاكل اخرى هو استغلال داعش للنازحين مع ان اكثرية الرجال يقاتلون مع داعش كما لدينا احصائية بعدد النساء النازحات وارى ان مشكلة الحلول تقع ضمن مسؤولية الدولة التي عليها ان تضع الحلول الناجعة .