علي السامرائي
ودعت بغداد كما استقبلت بحفاوة ، قادة العمل النيابي المشاركين في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي بدورته الرابعة والثلاثين بعد ان ظهرت على مدى ايام ، بابهى حلة ، وتجملت وتطيبت كعروس تزداد جمالا والقا وبهاءا رغم مرور السنين والمحن.. فهي عروس المدن وسيدتها التي لن تشيخ.
يدرك العرب جيدا ما لبغداد من عمق تاريخي واثر في النفوس، فيتوافدون شغفا لتتكحل اعينهم بمياه دجلة الهادئة وترنو انظارهم لنوارسه وهي ترفرف بجناحيها بحرية على الضفاف، مستنشقين عبق التراث و غزارة الذكريات الجميلة عن مدينة الف ليلة وليلة وشارع المتنبي.
بكل المقاييس، نجح رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي باظهار قمة بغداد العربية النيابية بالمظهر الذي يلبي التطلعات والطموح ويحقق مصالح العرب وتوجهاتهم بتعزيز الأمن العربي المشترك والتضامن العربي اضافة الى الهدف الاسمى المتمثل بالدعم العربي لتعزيز استقرار العراق وسيادته.
ان رئاسة الحلبوسي للاتحاد البرلماني العربي ستشهد عملا جادا لوضع ما تضمنه اعلان بغداد الصادر عن المؤتمر ، من مخرجات موضع التنفيذ وخاصة ما يتعلق بدعم العراق ومعالجة ملفات مهمة تتعلق بمكافحة الارهاب والتطرف ومساندة القضية الفلسطينية وحل الازمة السورية وقضايا اخرى مهمة تمثل خارطة طريق عربية نيابية بروح متجددة وخطوات سياسية واضحة وتعبيرا شعبيا عن مايجول في الانفس كما يحمل الاعلان عناصر قوة اذا ما طبقت بالشكل الصحيح ووجهت بالاتجاه السليم فانها تثمر نتائج ايجابية وكبيرة تحقق التطلعات المشروعة للشعب العربي برمته.
ان عقد القمة البرلمانية العربية وبهذا الزخم الكبير في بغداد يدلل على تكاتف الوصال من كل بلاد العرب وممثلي الشعب العربي وثقتهم بالزعامة الشابة لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي مما يفتح الباب امام استضافة اجتماعات وقمم برلمانية عربية واقليمية اخرى في بغداد وسيجعل الطريق معبدا امام اعتماد الاتحاد البرلماني العربي لمبدأ الدبلوماسية البرلمانية كأسلوب عمل مواز للدبلوماسية التقليدية والرسمية واعتماد الحوار اساسا للتواصل وتسوية مشاكل الامة العربية.
ولايصح بمثل هذه المناسبات الالتفات الى من يقلل من جدوى عقد مثل هذه الفعاليات المهمة فاستضافة قادة العمل النيابي العربي لايعد امرا يسيرا او عابرا وانما يعكس مدى اهتمام هؤلاء القادة بالعراق ودوره المحوري وثقتهم بقدرته على استضافة مثل هذه المؤتمرات ذات الطابع البرلماني وامكانية تكرارها مستقبلا والاصرار على التواجد في بغداد ايمانا بدورها الحضاري والثقافي والريادي، فعقد مثل هذه المؤتمرات سيكون مدخلا مهما لابرام اتفاقيات متعددة وتمريرها في برلمانات الدول المعنية وخاصة مايتعلق بالجوانب الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، فالاقتصاد اهم من السياسة في احيان كثيرة.
وكان لتظافر الجهود سواء من قبل مجلس النواب وامانته العامة ودوائره او الحكومة والجهات الساندة من وزارات واجهزة امنية الى جانب العمل الدؤوب للامانة العامة للاتحاد البرلماني العربي ممثلة بالامين العام فايز الشوابكة ومن بمعيته الاثر البالغ في اقامة المؤتمر وتوفير مستلزمات نجاحه والظهور بهذا المستوى الرفيع الذي اثار ارتياح كبير في اوساط المشاركين من ناحية التنظيم و سلاسة الاجراءات .
ان تكرار عقد مثل هذه المؤتمرات في بغداد بغض النظر عن مخرجاتها يعبر عن نقطة تحول وتقدم في المشهد العربي عموما ويدحض كل محاولات التشكيك بهويتها وانتماءها العربي ودورها في صنع التاريخ العربي والاسلامي وهي حقائق ليست محل مساومة او مجاملة او شك .. فبغداد لن تتنازل عن دورها في صنع القرار العربي وتعزيز قيم التضامن والتلاحم والتعاضد بين العرب.