بغداد – الراصد 24:
قال أمير الكناني القيادي في التيار الصدري وعضو لجنة تعديل “اجتثاث البعث” السابقة، إن قانون المساءلة والعدالة بنسخته الأخيرة “لن يمرر” في الدورة التشريعية الحالية، بسبب مخاوف أحزاب شيعية من خسارة الانتخابات، واتهامها بالتنازل والضعف إذا مررت بنود التصالح مع السنة.
وذكر الكناني، أن في هيأة المساءلة عشرات الآلاف من الملفات المعطلة للعفو عن “بعثيين”، تنتظر تمشيتها، وقد تلكأت بسبب مزاجية رئيس الهيأة، ويعتقد أن تلك المعاملات لو روجت، فسيحصل عدد كبير من البعثيين على الانصاف، وسيكون إصلاح عمل الهيأة، بديلاً جيداً عن تعديل “الاجتثاث” الذي سيفشل البرلمان بتمريره خلال الدورة الحالية، كما يعتقد.
ويكشف القيادي والعضو السابق في البرلمان عن ازدواجية في مواقف بعض الكتل الشيعية من قضية “البعث”، ويؤكد أن أحزاباً شيعية كانت تهيمن على السلطة تصرح بالعلن خلاف ماتتحدث به في الاجتماعات المغلقة، متحدثاً عن بعض كواليس اللجنة التي حاولت وضع تسوية للأمر بعد انطلاق اعتصامات الأنبار قبل عامين.
وينتقد القيادي الشيعي المزايدات التي تقوم بها بعض الأطراف داخل التحالف الوطني مؤخراً، بمهاجمة تعديلات قانون “المساءلة” التي تتطلبها المصالحة، مؤكداً، أن كثيراً من هؤلاء المعترضين ينتمون الى عائلات “بعثية” معروفة وحصلوا على استثناءات من الهيأة.
وكان 6 وزراء سنة رفضوا، مطلع شباط الحالي، تمرير تعديلات قانون “الاجتثاث” داخل مجلس الوزراء، بسبب مخاوف من تحوله إلى “مصيدة” لمعاقبة كل شخص معارض للحكومة بتهمة الانتماء الى حزب البعث، فيما كان تحالف القوى- المظلة السياسية للسنة في العراق- يأمل أن يتم الغاء قانون “المساءلة” بالكامل ويجري تحويله إلى ملف قضائي، وعدم وضع ملحق في القانون ينص على حظر الحزب “بدون ضوابط واضحة”. كما يقول السنة إن القانون مازال يعاقب “الشخص” المنتمي إلى الحزب وليس “الفكر”، فيما اضطر مجلس النواب، الاثنين، الى سحب نسخة القانون من جلسة القراءة الأولى بسبب الخلافات السياسية.
ويقول القيادي البارز في التيار الصدري أمير الكناني في تصريحات صحفية ,إن “تعديلات قانون اجتثاث البعث بدأت منذ ثلاث سنوات، إثر انطلاق التظاهرات في الأنبار، ومُثلت أنا داخل لجنة تعديل الاجتثاث التي كانت برئاسة صالح المطلك، وعضوية النائب السابق خالد العطية عن دولة القانون، وآخرين”، مشيراً الى أن “اللجنة التي توقفت في منتصف عام 2013 بسبب اجواء متشنجة اعقبت تصعيد نوري المالكي ضد كردستان، كانت قد توصلت الى “نتائج مثيرة لاسيما فيما يخص موقف دولة القانون التي وافقت على حل هيأة المساءلة والعدالة خلال عام واحد، بينما كنا نحن الصدريين نريد وقتاً أطول”.
ويضيف الكناني ان “الرأي الذي كان سائداً داخل اللجنة في حينها اتجه للقول، بإن اجثاث البعث أمر انتقالي، ولن يدوم أكثر من عشر سنوات، وتم الاتفاق على انهاء الهيأة خلال تلك المدة على أن يبقى تجريم الحزب وفق المادة المنصوص عليها في الدستور التي تمنع أي نشاط للبعث”.
وعما جرى بعد توقف اللجنة السابقة يقول الكناني إن “التحالف الوطني عاد مجدداً بعد التغييرات السياسية الأخيرة الى الاتفاق على ضرورة ايجاد حل لقضية الاجتثاث، التي حولها رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، الى قضية مزاجية، وتم استثناء بعض الشخصيات الذين كانوا في مناصب مهمة بحسب ولائهم وقربهم اليه”، مشيراً الى أن “الشيعة الآن يرغبون بشدة في حل القضية لكنهم لن يمرروا القانون البديل بدون تجريم البعث”.
ويضيف أن “هيأة المساءلة والعدالة، والتي بحسب تعديلات القانون الجديد سوف تحل خلال عام واحد، لن ترضى بذلك بسهولة، إذ تضم أعداداً كبيرة من الموظفين والمدراء العامين، ويوجد بداخلها ممثلون عن كل الكتل السياسية، وهم بدورهم يخوضون حوارات مع الكتل من اجل استمرار الهيأة في عملها”.
ووسط تلك التعقيدات يقول الكناني وهو نائب سابق عن التيار الصدري إن “تعديلات المساءلة والعدالة لن تمرر في هذه الدورة، لأسباب انتخابية”، موضحاً أن “أغلب القوى الشيعية تعتمد في برامجها السياسية على استثمار بقاء قضية البعث وجرائمه في جمع أصوات الناخبين”.
ويستدل الكناني على كلامه بأن “دولة القانون، مثلاً، تعارض بقاء البعثيين بوضوح، لكنها بالمقابل وداخل الاجتماعات المغلقة، لاتتردد في رفع الحظر عنهم، والدليل انهم وافقوا في لجنة التعديلات السابقة على حل الهيأة في غضون عام واحد، بينما يقيم بعضهم اليوم مؤتمرات لمهاجمة التعديلات المزمع اجراؤها، ويواصلون التحذير من خطورة التسامح مع البعثيين”، مؤكداً أن الكثير من تلك الشخصيات المعارضة لوجود البعث، تنتمي الى عائلات بعثية معروفة، وتم استثناؤهم من إجراءات الاجتثاث، وهي تقوم بإفراغ قانون “المساءلة” من محتواه وتحويله الى مزايدات.
ويستبعد الكناني إمكانية تمرير “المساءلة” في الظروف الحالية، ويعتقد أن الدورات المقبلة ستجد حلولاً أخرى، كما يقلل من إثارة الموضوع “أزمة سياسية” أو أن يؤدي الى مقاطعة السنة للحكومة. ويقول إن “الشخصيات السنية المشتركة في العملية السياسية غير مشمولة بالاجتثاث، ولن يمسهم الأمر بشكل مباشر، وهم لايتعاملون مع الأمر بشكل شخصي بل يبحثون عن حقوق لعراقيين متضررين من الاجتثاث، ويمكن أن يجدوا حقوقهم فيما لو حاولوا إصلاح هيأة المساءلة والتي تعمل وفق القانون النافذ -القديم-“.
ويتحدث الكناني في إطار الإصلاحات الممكنة، عن تعطيل هيأة المساءلة الحالية لـ 200 الف معاملة لبعثيين يفترض أن يتم اعفاؤهم من الاجتثاث، ويقول انه “لو تم تحريك تلك الملفات لحلت أغلب المشكلات، لكن رئيس الهيأة باسم البديري الذي عيّنه المالكي بالوكالة في الولاية الثانية، مازال يتعمد عدم ترويج المعاملات”.
ويذكر العديد من النواب، أن الهيأة لاتزال تدار بشكل مخالف لنظامها الداخلي، إذ لم يتم انتخاب رئيس اصيل، وهي متهمة بأنها تعطي الاستثناءات بحسب قرب “المستثنى” من رئيس الحكومة السابق.