بغداد – الراصد 24 ..
تصاعدت حدة الخلافات داخل أروقة الكتل السياسية في الأونة الأخيرة ، لتشهد ذروتها الأسبوع الحالي لتفرز تحديات أمنية وسياسية عصيبة ترجمتها التفجيرات التي ضربت بغداد والبصرة والناصرية ، فيما تعد تلك المدن أمنة نسبياً قياسأ بالمدن المتوهجة بنيران الحرب ضد تنظيم “الدولة الاسلامية” داعش في الأنبار وصلاح الدين ونينوى .
العبادي والظرف المغلق
التداعيات السياسية التي أعقبت تقديم “الظرف المغلق” لرئيس الحكومة العراقية الى مجلس النواب الخميس الفائت 31/3/2016 ، والذي يضم كابينة مؤلفة من 16 وزيراً ، لتشتعل بعدها بذرة الخلافات بين أصدقاء حيدر العبادي من داخل التحالف الوطني ، ويسارع رئيس المجلس الأعلى الاسلامي عمار الحكيم ليقدم مبادرة تضم خارطة طريق لتعديل مسار العملية السياسية وتشمل التغيير الشامل بضمنها الاطاحة برئيس الحكومة حيدر العبادي .
الممثل الرئاسي الأميركي برت ماكغورك المتواجد حاليا في بغداد سارع لحراك مكوكي شمل لقائه مع رئيس الحكومة حيدر العبادي ، ليلتقي بعدها عمار الحكيم ، في حركة دؤوبة في مسعى إلى لملمة أوراق العملية السياسية المبعثرة . حوارات ماكغورك ، تأتي لنقل تطمينات واشنطن الساعية للمحافظة على استقرار العملية السياسية ، وضرورة الخروج من نفق الأزمة الحالية والصراع بين الكتل .
لقاء ماكغورك ، مع العبادي تلخص بدعم بلاده لاصلاحات رئيس الوزراء السياسية والاقتصادية وفي جميع الاصعدة، ومؤكداً ان المجتمع الدولي والولايات المتحدة تقف الى جانب العراق لتجاوز الازمة المالية التي يمر بها. الدعم الأمريكي للعبادي يعكس ذات المشهد في تقديم واشنطن المساندة باتجاه واحد يهدف للابقاء على العملية السياسية مرهونة بالصراعات والخلافات بدلاً من الذهاب للاطاحة بالعملية السياسية في وقت حساس يعود بأوراق المشهد العراقي الى المربع الأول والدخول في مأزق التحالفات بين الكتل ما قد يخشى بهدم أسوار العملية السياسية الجارية في العراق ودخوله نفق الفراغ السياسي والأمني وهذا ما تخشاه واشنطن التي تحاول في أدنى حد للابقاء على هيكلة حكومة العبادي مهما أشتدت الخلافات بين الكتل .
ماكغورك ، الذي خرج من حواره مع العبادي بتقديمه الدعم الكامل من قبل الأدارة الأمريكية وهو ما يسعى اليه رئيس الوزارء العراقي في الفترة الحالية على الأقل لحين بلوغ الأنتخابات البرلمانية المقبلة 2018 وهو أعلى سقف زمني ممكن أن تصل اليه حكومة العبادي سواء كانت حكومة تكنوقراط أو وفق مبدأ (المحاصصة الطائفية) الذي بنيت عليه العملية السياسية منذ 2003 .
عمار الحكيم الذي سارع خلال لقائه مع مبعوث الرئيس الأمريكي لتقديم مبادرته التي يأتي في قمتها الاطاحة بالعبادي ، مؤكداً إلى أمكانية السير بالعملية السياسية دون الرضوخ لحكومة العبادي التي قدمها مؤخرا والتي بعثت هاجساً من الخوف للتفرد بالسلطة من قبل “الحزب الواحد” وهو الامر الذي أتفقت بموجبه جميع الكتل خلال اجتماعاتها التي جرت مؤخراً ، لذا تغير المشهد سريعاً بين القبول والرفض لحكومة جديدة يترأسها العبادي .
الحضور الايراني في المشهد العراقي
المشد العراقي لم يخلو من الحضور الايراني الذي تمثل بحضور مكثف للجنرال قاسم سليماني الذي برزت تحركاته في مشهد لم تتضح معالمه لغاية الان . الموقف الايراني الداعم للحكومات العراقية المتعاقبة ما بعد 2003 قد يشهد تغيراً خلال الفترة المقبلة ، وستكون الأيام القليلة المقبلة قبيل عقد جلسة البرلمان المخصصة لمنح الثقة لحكومة العبادي أو الدخول مجدداً في متاهات الاجتماعات والتحالفات والخلافات التي لم تغب يوماً عن المشهد السياسي العراقي .
العبادي حاليا في أوج الحاجة لدعم طهران وفي ذات الوقت لن يكون بعيداً عن طلب الدعم من قبل واشنطن التي لم تتقاطع مصالحها مع التدخل الايراني في المشهد العراقي ، ولغاية الان يكتنف الغموض من موقف طهران حول حقيقة دورها الداعم لديمومة الحكومة العراقية الحالية أو القفز إلى حكومة التكنوقراط الجديدة التي رشحها العبادي مؤخراً أو الذهاب أبعد من ذلك نحو الاطاحة بالعبادي .