بغداد – الراصد 24
منذ طرح نفسه مرجعا للشيعة عقب وفاة آية الله ابو القاسم الخوئي، وبروز اسمه كعالم وفقيه وشعبي النزعة والسلوك، تعرض المرحوم اية الله محمد محمد صادق الصدر (والد مقتدى)، الى حملة شرسة من محمد باقر الحكيم المقيم في طهران برعاية من السلطات الايرانية، التي انشأت له حزبا معارضا للعراق، أسمته (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق)، وأسست له أيضا قوة عسكرية أطلقت عليها اسم (فيلق بدر)، مهمته المشاركة مع القوات الايرانية في قتال الجيش العراقي خلال سنوات الحرب بين البلدين، وارسال الجواسيس الى داخل العراق للتخريب واغتيال المواطنين الشيعة، بتهمة انهم بعثيون او مؤيدون للنظام السابق كما حدث في محافظات البصرة والعمارة والكوت.
كانت حملة الحكيم على الصدر قائمة على التشهير بالاخير، والافتراء عليه، وقد صدقت السلطات الايرانية ادعاءاته واشتركت معه على تخوين السيد الصدر ونشر البيانات ضده في طهران وقم ومشهد، وكان هدف الحكيم والايرانيين ان يعتزل والد مقتدى المرجعية ويتركها لغيره من المراجع الاجانب غير العرب، فقد اعتبر الحكيم وهو من اصول ايرانية وفدت على العراق خلال الاحتلال الصفوي للعراق واستوطنت النجف، ان اختيار مرجع شيعي عربي ونجفي انتهاك لطبيعة المرجعية الشيعية في العراق، التي تزعمها على امتداد تاريخها منذ الف ومئة سنة علماء وفقهاء من الفرس والافغان والاذريين، ولم تتح لمرجع شيعي عربي او عراقي تقلد رئاستها من مؤسسها اية الله الطوسي الى اية الله ابي القاسم الخوئي.
ولما وجد محمد باقر الحكيم ان اية الله محمد صادق الصدر قد نجح في ترسيخ مرجعيته وتمكن ببساطته وتواضعه ان يكسب قلوب الشيعة وصار لديه مقلدون بالملايين، فقد اتجه الى تشويه سمعة والد مقتدى والتشكيك باعلميته واتهامه بانه عميل لصدام الى غير ذلك من الافتراءات.
وجاء في النشرات التي كان الحكيم يكتبها في طهران ويرسلها الى العراق سرا لتوزيعها في النجف تحديدا، ان الصدر يتلقى راتبا شهريا من النظام قدره مليونا دينار، وانه ينسق مع مرافق رئيس الجمهورية العقيد روكان ارزوقي عبدالغفور، وانه يتعاون مع اجهزة الامن، ولما لم تجد هذه المزاعم من يصدقها عمد محمد باقر الحكيم الى تأليب علماء النجف من الايرانيين والافغان والباكستانيين على الصدر، ومما ورد في احدى نشرات المجلس الاعلى وتم ضبطها مع حاملها في النجف نهاية عام 1994، ان الصدر اهدى رسالته العلمية عند طبعها الى الرئيس صدام حسين، وشكر المكتب الصحفي التابع للرئيس على الاهداء وصدور تعليمات بحصر طبع الرسائل العلمية بموافقة الصدر دون غيره من العلماء، ويكون ايضا مسؤولا عن منح الاقامة لطلاب الحوزة من غير العراقيين واشرافه على المدارس الدينية.
وجاء في اتهامات الحكيم للصدر ايضا انه منع السيد علي السيستاني من الصلاة في مسجد الخضراء، ولما انكشفت الكذبة لان المسجد كان يشهد تعميرا وصيانة، لجأ محمد باقر الحكيم الى اتهام الصدر بالضلوع في قتل محمد تقي الخوئي وامين الخلخالي، وانفضح الاتهام عندما القت السلطات الامنية القبض على الجناة، واعترفوا يجريمتهم والجهة الايرانية التي حرضتهم.
وفزع محمد باقر الحكيم، عندما علم بان محمد صادق الصدر يزمع افتتاح مكتب له في قم، واصدر بهذا الخصوص بيانا جاء فيه:
حاول محمد صادق الصدر ان يفتح مكتبا له في مدينة قم الا انه لم يوفق في الحصول على شخص واحد يعمل معه وقد ارسل عدة مرات شخصا يدعى ستار الوائلي ليقوم بالمهمة ولما فشل في ذلك ارسل جعفر محمد باقر الصدر حيث ادعى جعفر انه مطارد من السلطة واستقبل بحفاوة من قبل سماحة السيد القائد في مشهد ـ يقصد خامنئي ـ وكذلك رئيس الجمهورية وقام العلماء من تلامذة ابيه بالاحتفاء به وتقديم الخدمات له وفي مقدمتهم اية الله الهاشمي ولكنه فجأة اعلن عن عزمه على فتح مكتب لمحمد صادق الصدر على خلاف رأي جميع المقربين له وعلى خلاف العلماء الذين نصحوه بالتحصيل العلمي امثال الشيخ المشكيني والشيخ اللنكراني والهاشمي وغيرهم ولا زال جعفر يصر على القيام بهذا العمل ويطرح ان والده محمد باقر الصدر كان مخطئا في الدخول بمواجهة النظام.