بغداد – الراصد 24 ..
اختتمت اليوم اعمال المؤتمر الوطني للحوار بين الاديان والمذاهب الذي اقيم بأشراف منظمة الحكيم الدولية وبحضور عدد من الشخصيات الدينية والسياسية التي تمثل جميع اطياف الشعب العراقي.
وقال رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم في كلمته بالمؤتمر :” ان العراق يجتمع اليوم بكل اطيافه ومكوناته وهو دليل واضح على ان ما بيننا من روابط للاجتماع بدل الفراق ، ومن يعمل على تمزيقنا سيفشل لان العراق قوي بمكوناته وواهم من يظن باضعاف المكونات ، فلن يتمكن اي مكون لوحده ان يبني الوطن ومن يقف بالضد من ذلك سينهار في يوم ما “.
واضاف ان ” وحدتنا متماسكة بين المكونات بسبب التداخل والتواصل الاجتماعي والنسبي ولا يمكن للامور الطارئة ان تنهي ذلك لانها تتصاغر امامنا لهدفنا الكبير وهو وحدة العراق ، لذا علينا حصر الخلافات بالمشتركات الكبيرة ، ونحن معنيون بصناعة المستقبل وان نتعظ من الماضي والحاضر لنستفيد من اجل المستقبل “.
وخاطب الحكيم ، السياسيين بالقول :” ان الشعب ينظر لكم بانكم قادته ويأمل منكم ان تنشروا الامل ، ونحن ندرك التركة الثقيلة التي خلفتها الدكتاتورية ” مضيفا ” ان المنطقة تمر بظروف استثنائية وتفرض علينا ان نكون البحارة الماهرين لنعبر بسفينة بلدنا نحو الامان والازدهار ، فلا مشكلة او ازمة مستعصية ما دام امن العراق هو غايتنا ولا ان تتحول هويتنا للفرقة وانما الوسطية والاعتدال التي هي لغة الشجعان بالاعتماد عليها نحو البناء والاصلاح “.
واكد ” ضرورة حصر السلاح بيد الدولة كونها الراعية والمسؤولة عن حماية الجميع ، وعلينا الاسراع بتشريع قانون الحرس الوطني كغطاء وطني قانوني لكل القوى الشعبية “.
ودعا السلطات التشريعية في العراق والعالم الى الوقوف بحزم ضد من يحرض على الطائفية والارهاب ، واشاعة روح التسامح والحفاظ على التنوع الثقافي والديني والديموغرافي.
من جانبه شدد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم في كلمته على انه ” ليس هناك ما هو اكثر ضرورة واهمية من قبول الاختلاف والتنوع في المجتمعات لادامة التقارب والتعايش سواء داخل المجتمع الواحد او بين الامم والبلدان “.
ولفت الى ” ان سبب التخلف الذي منيت به البشرية يعود الى الحروب وعدم القدرة على تفهم الاختلاف والقبول به ” وقال ” ان المجتمعات دفعت اثمانا باهظة جراء ذلك بينما تقدمت الحضارة وتطورت ونهضت المدنية بارادة السلام وبقبول التنوع وتسهيل فرص العيش المشترك والتفاهم العابر على الاختلافات “.
واشار الى ” خطورة ظاهرة داعش ” وقال ” ان واحدة من مخاطر جرائم داعش بوصفها النسخة الاكثر تشددا وانغلاقا في تاريخ الارهاب المعاصر ، تكمن في كم الكراهية التي يكنها الارهابيون للجميع مثلما تكمن في عدم ترددها بارتكاب ابشع الفظائع تعبيرا عن هذه الكراهية “.
وتابع معصوم :” لا مجال امامنا ونحن نخوض غمار المواجهة مع داعش سوى الانتصار ودحر هذه الجماعة نهائيا وتخليص المجتمع الانساني بمختلف بلدانه واديانه وقومياته من شرورها ” وقال انه ” نصر يؤكد مقاتلونا الابطال كل يوم حقيقته وحقيقة اقترابهم منه “.
واكد اهمية ” الاسراع في انجاز المصالحة الوطنية على اسس تعزز التحول الديمقراطي ولا تتراجع عنه وتعمق وحدة النسيج الوطني وتمنع الارهاب والتطرف من النفاذ الى هذا النسيج او الاقتراب منه “.
وركز على اهمية ” توحيد المواقف والرؤى والتحركات في السياسة الخارجية لصالح عمل جدي ومسؤول يؤمن تفاهما ايجابيا مع المحيط الاقليمي والدولي ويضمن التعايش على اسس المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتحاشي سياسات الاستحواذ والمحاور “.
من جهته دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي في كلمته بالمؤتمر ، جميع المذاهب والاديان في العراق الى ” التعاون وتوحيد الكلمة للتصدي للارهاب الفكري الذي ينتهجه داعش ضد الشعب العراقي ، مؤكدا خطورة الارهاب الفكري لداعش على تعايش الاديان وعلى التعايش السلمي بين المذاهب في العراق “.
وبيّن ” ان التعدي على المقدسات لا يقل خطورة عن التجاوز على الاخر ” ، داعيا الى احترام المقدسات والاديان وعدم التعدي على مذهب او دين ” ومشيرا الى ” ان ما فعلته هذه المجموعة الشاذة والمنحرفة من قتل للصحفيين والاعتداء على الناس ، هو لخلط الاوراق بين المذاهب “.
من جانبه قال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري في كلمته خلال المؤتمر :” ان الوئام الذي ننشده اليوم يحتاج الى أرضية صلبه تتحقق في تفاهم الشركاء على تعريف الشراكة ، فضلاً عن حاجته الى وعي وثقافة جديدة للغة الحوار المبنية على أساس تفهم الأختلاف المشروع في الفروع ورفض التفرق المذموم على الأصول “.
واضاف ” ان الأختلاف الذي يؤدي الى تفرق كلمة الأمة وتنازع الطوائف ويلبسها شيعاً ويذيق بعضها بأس بعض لا يمكن تبريره أو قبوله أو دعمه ” لافتا الى أنه ” ليس بالأمكان العبور على كل خلافاتنا ، فالاختلاف سنة من سنن الحياة ، وعاملاً أساسياً في بناء الحضارة وتقدم العلم ، ولكنه في الوقت ذاته قد يكون ايضا سببا في النفور بين الناس ونشوب الصراع بينهم اذا تجاهلوا حسن تدبيره وأدارته ومعرفة عميق حكمته والهدف منه “.
واعاد الجبوري الى الاذهان مبادرة الحكيم /أنبارنا الصامدة/ وقال انها ” كانت حلاً مثالياً للخروج من الأزمة وتطويقها ، مع اننا ربما لم نكن نمر بما مررنا به وواجهنا لاحقا حيث كانت تتضمن أنشاء قوات الدفاع الذاتي من عشائر الأنبار لتأمين الحدود الدولية والطرق الستراتيجية في المحافظة ودمجها بتشكيلات الجيش العراقي على ان تكون قوات خاصة بالمحافظة وبقيادة أبنائها من القادة العسكريين “.
واستطرد :” كان على الجميع ان ينصت الى هذه المبادرة ويسعى الى تحقيقها وتطبيقها ، غير ان اللجوء الى خلاف ذلك كلف العراق ثمناً باهظا ودخل بسببه دوامة الأرتباك وخسر من جرائه الكثير من الأرواح والأموال والجهود “، معرباً عن اعتقاده بان ” الفرصة ما زالت قائمة لإعادة مبادرة الحكيم الى خارطة الطريق من جديد من خلال مشروع المصالحة المتكامل الذي يترقبه الجميع في الفترة القريبة المقبلة والذي يعول القادة السياسيون عليه لتحقيق هذه المصالحة في أقرب فرصة “.
من جهته عبر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف عن استعداد الامم المتحدة ” للمساعدة في بناء مؤسسات الدولة بغية تحقيق الوئام والتوافق الداخلي “.
واكد ” ان العراق يمر بمنعطف خطير ما يتوجب على قادته السياسيين ان يتحدوا على القضايا الامنية ومتطلبات المصالحة الوطنية ومكافحة الفقر ، وان يحافظوا على الدستور والقانون ، وايجاد حلول طويلة الامد لمأساة النازحين “.
واوضح ” ان هذا المؤتمر يرسل رسالة ايجابية الى الشعب العراقي ، بضرورة اجراء الحوار والمصالحة والوئام ” ، لافتا الى ” ان داعش قام في الفترة الماضية باستباحة القرى والبيوت وصادر الممتلكات واستعبد النساء وقام بالقتل ، ويسعى لتدمير العراق واقامة دولة الارهاب والرعب فيه ، من خلال اشاعة الفرقة والتقسيم ، وهذا يتنافى مع قيم وتعاليم الاسلام “.
من جهته اكد رئيس ديوان الوقف الشيعي صالح الحيدري ان ” ظاهرة الارهاب لا تنتسب لدين ولا تختص بقومية ” ، مشيرا الى اهمية الوقوف بوجه الارهاب بحكمة من قبل الاديان والمذاهب والتواصل بينها من اجل اشاعة روح التسامح وحل الازمات وفق الثوابت التي دعت اليها الاديان السماوية “.
وقال ” ان هناك بنادق مستأجرة باسم الدين تقتل كل من يخالف اراءها المضللة ” ، مشيرا الى ان العراق له النصيب الاكبر في مواجهة هذا البلاء ، والتصدي لهذه المجاميع بفضل فتوى المرجعية الدينية.
فيما دعا رئيس ديوان الوقف السني وكالة محمود الصميدعي الى ” اقامة مؤتمر موحد يجمع الاطياف العراقية من اجل الولاء للعراق ” ، مؤكدا ان داعش لا يمثل الدين الاسلامي وانما يمثل اجندات خارجية مشبوهة ليشوه صورة الاسلام الحقيقية.
الى ذلك اشار البطريرك لويس روفائيل ساكو ممثل المكون المسيحي في المؤتمر ، الى اهمية المصالحة الوطنية والوئام ، داعيا القادة السياسيين ورجال الدين الى ” بناء مشروع المواطنة ورفض التنافر الفئوي وعدم ترك الدين او المذهب يتحول الى شماعة وذريعة للتفسيرات والطموحات لجرائم الارهاب “.
وقال انه ” ينبغي اليوم ان يتحرك القادة السياسيون وقد حملهم الشعب المسؤولية كاملة ورجال الدين وقد حملهم الله رسالة المحبة والسلام ، فقد حان الوقت لبناء مشروع المواطنة وتعزيز اللحمة الوطنية ورفض التنافر الفئوي والعنف والموت ونبذ النزاعات وتجاوز الخلافات وتنقية القلوب والمسامحة والمصالحة وتقديم تنازلات شخصية وحزبية ومذهبية خدمة لشعبنا ولبلدنا لانها قضية وجود ومستقبل “.
واضاف ” ان هذا الامر يتطلب سياسيا ، بناء دولة شراكة حقيقية ودولة المؤسسات وبناء جيش مهني يكون لاؤه للوطن وحصر السلاح بيد الدولة لتحقيق الامن والاستقرار “.
من جانبه دعا ممثل الصابئة المندائيين علاء عزيز طارش ، الى تعزيز وترسيخ روح المواطنة والتعاون بين الجميع لتحقيق الاستقرار الامني والسياسي ، مؤكدا ” ان الصابئة هم ابناء هذا الوطن وديانتهم من اقدم الديانات وهم اليوم شهود على بناء العراق الجديد “.