بغداد – الراصد 24:
حظيت أوضاع المناطق المحررة من تنظيم “داعش” وما يقع فيها من محاولات التغيير الديموغرافي وعمليات الانتقام اهتماما بالغا من المسؤولين الحكوميين خاصة، والعراقيين عامة نظرا لخطورتها على وحدة الشعب العراقي.
وقد حذر وزير الدولة لشؤون المحافظات ومجلس النواب احمد الجبوري، من أن البلاد ستمر بما أطلق عليه « داعش آخر» بعد تحرير المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في إشارة إلى عمليات الانتقام والتغيير الديموغرافي.
وكشف الجبوري في مؤتمر صحافي عن قيام قوات البيشمركة بتدمير 700 منزل في ناحية جلولاء شمال شرق بعقوبة بعد انتهاء المعارك فيها،معتبرا أن ذلك يأتي ضمن التغيير الديموغرافي للمناطق.
وقال الجبوري إنه «تم تدمير أربعة منازل اثناء العمليات العسكرية التي كانت جارية في ناحية جلولاء (70 كم شمال شرق بعقوبة) ضد داعش، لكن اليوم الرقم وصل إلى 700 منزل دمرت جميعها من قبل البيشمركة التي تمنع عودة سكان المنطقة من العرب»، مشيراً إلى أن «ذلك التغيير الديموغرافي على اساس المادة 140 أمر غير قانوني».
وأكد أن «عمليات مشابهة حدثت في نواح عديدة منها سليمان بيك وزمار والموصل»، مشيراً إلى أن «هناك استغلالاً من قبل الكرد للوضع الأمني وهو أمر غير مقبول».
وبدورها حذرت مستشارة رئيس البرلمان العراقي لشؤون المصالحة وحدة الجميلي، من خطورة التطورات اللاحقة لعملية تحرير بعض المناطق من قبضة تنظيم الدولة وما تشهده من تجاوزات كتغيير التركيبة السكانية لبعض المناطق والتجاوزات على سكانها. ودعت الحكومة إلى توخي الحذر لمرحلة ما بعد «داعش» في المناطق المحررة.
وقد نالت هذه المسألة الحساسة نصيبا كبيرا من مناقشات نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي خلال زيارته رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني لبحث الاستعدادات لتحرير الموصل، حيث بحثا الأمور المتعلقة بالحساسية التي يمكن أن تنشأ بين مكونات المحافظة على خلفية اشتراك بعض العناصر المنتمية لهذه العشيرة أو تلك في الأعمال الاجرامية التي نفذها تنظيم الدولة.
كما نوه النجيفي إلى أن جرائم أي فرد هي جرائم شخصية يحاسب عليها وفق القانون، ولا تنسحب على العشيرة أو المكون الذي ينتمي إليه، لذا اتفق الطرفان على منع أية عمليات انتقامية عشائرية يمكن أن تحدث أثناء عمليات تحرير المدن من تنظيم «داعش» أو بعدها.
وفي ناحية جرف الصخر شمال بابل عبر الأهالي عن مخاوفهم من تعرض مناطقهم إلى تغيير سكاني عقب تحريرها من سيطرة تنظيم الدولة مؤخرا.
وجاء ذلك خلال اجتماع عقده وفد لممثلين عن أهالي المنطقة برفقة مدير الناحية مع نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، والذين عرضوا معاناة أهالي جرف الصخر والظروف النفسية والاجتماعية والمعيشية التي يعانونها بسبب النزوح الإجباري الذي طال مواطني الناحية، مشددين على أن أهالي الناحية ضد تنظيم «الدولة».
وأوضح الوفد أن «السياسات الطائفية ومحاولات التغيير السكاني كانت السبب في إخلاء أجزاء كبيرة من منطقة جرف الصخر، مما سهل على قوى الإرهاب دخول الناحية».
وأكد الوفد أن أهالي جرف الصخر دفعوا ثمنا باهظًا تضمن تشريدهم وهدم منازلهم وتدمير مزارعهم ومطاردة أبنائهم حتى تم القضاء على «داعش»، ولكن المشكلة لم تنته، فلا يزال مواطنو الناحية لا يستطيعون العودة إليها لأسباب تثير الكثير من الشكوك حول وجود نيّات تتعلق بأجندات أهمّها تحقيق تغيير سكاني في المنطقة .
وكانت القوات الحكومية والميليشيات قد طردوا تنظيم الدولة من المنطقة في تشرين الأول/اكتوبر الماضي بعد معارك استمرت لأشهر الاّ ان تلك القوات منعت الأهالي ( من السنة ) من العودة إليها بحجة عدم استقرار الوضع الأمني ورفع العبوات من الطرق والبيوت، منوهة إلى أن عملية تنظيف المنطقة قد تستغرق وقتا طويلا، بينما يعاني سكان المنطقة جراء ترك مناطقهم والعيش في مخيمات النازحين.
ويعيش سكان المناطق الخاضعة لتنظيم الدولة مخاوف حقيقية من المخاطر التي يمكن ان يتعرضوا لها بعد تحرير مناطقهم من قبل القوات الحكومية وخاصة بعد الأحداث التي وقعت في بعض المناطق المحررة كديالى وصلاح الدين والموصل وجرف الصخر التي شهدت تجاوزات من عناصر ضمن الميليشيات و«الحشد الشعبي» والبيشمركة التي تعاملت مع أهالي تلك المنطقة بروح طائفية انتقامية بحجة تعاونهم مع تنظيم الدولة، وهو ما دعا القوى السياسية ورجال الدين وشيوخ العشائر إلى مناشدة الحكومة لحماية أهالي المناطق المحررة ومنع الاعتداءات عليهم.