بغداد – الراصد 24
مع ان الزعيم الروحي الاعلى لشيعة العراق والعالم اية الله السيد علي السيستاني رفع الغطاء عن المرشحين المتهمين بالفساد وعدم انتخابهم في الانتخابات التشريعية المقرر اقامتها في 12 من الشهر الجاري، الا ان وصاياه مرت “بردا وسلاما ” على اغلب اللوائح الانتخابية الشيعية التي سارعت للترحيب بما عبرت عنه مرجعية النجف من نصائح لخوض الانتخابات بعد القلق الذي ساد اخيرا من ان يقدم ( السيستاني) على تسمية قوائم او افراد من اجل عدم انتخابها لتورطهم بشبهات فساد اوهدر للمال العام اوفشل في ادارة الدولة.
ومع ان نصائح السيستاني لم توازي حجم الزخم الاعلامي الذي رافق الجدل بشان تفسير فكرة ان” المجرب لايجرب” التي شغلت المشهد العراقي سياسيا وشعبيا كونها جائت عمومية وبلا تخصيص خصوصا ان مرجعية النجف كدأبها فضلت عدم زج نفسها مباشرة في مسالة اختيار اللوائح والمرشحين وتركت للناخبين حرية الاختيار لكنها اعطت اشارات مهمة وخارطة طريق لاختيار المرشحين.
واطلقت اللوائح الانتخابية الشيعية سلسلة مواقف مؤيدة لنصائح المرجع السيستاني اذ دعا زعيم تيار الحكمة السيد عمار الحكيم في بيان له امس الشركاء السياسيين للإلتزام بتوجيهات المرجعية العليا بشأن الانتخابات، محذرا من اعادة اختيار المتهمين بهدر المال العام ، فيما اعلن “ائتلاف النصر” (بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي) بحسب المتحدث باسمه حسين العادلي تأييده المطلق لتوجيهات المرجعية كون”جميع ما جاء بخطاب المرجعية يدخل بصلب اصلاح الدولة والعملية السياسية لضمان مصالح المواطنين والدولة”.
وتضمنت خطبة صلاة الجمعة التي اقيمت امس في مرقد الامام الحسين بن علي ( ع) في محافظة كربلاء بيانا للمرجع السيستاني تلاه ممثله عبد المهدي الكربلائي حيث اعلن وقوفه على مسافة واحدة من جميع المرشحين للإنتخابات النيابية وعدم مساندته لأي شخص او قائمة، محذرا من اختيار الفاشلين والفاسدين من المجربين او غيرهم.
وقال المرجع السيستاني في البيان إن “المرجعية الدينية العليا تؤكد وقوفها على مسافة واحدة من جميع المرشحين ومن كافة القوائم الانتخابية”، مبينا أنها “لا تساند أيّ شخص أو جهة أو قائمة على الاطلاق”.
وأوضح اية الله السيستاني بحسب البيان الذي تلاه ممثله في كربلاء أن “الأمر كله متروك لقناعة الناخبين وما تستقر عليه آراؤهم بعد الفحص والتمحيص”، مشددا على ضرورة “عدم السماح لأي شخص او جهة باستغلال عنوان المرجعية الدينية للحصول على مكاسب انتخابية فالعبرة كل العبرة بالكفاءة والنزاهة والالتزام بالقيم والمبادئ والابتعاد عن الاجندات الاجنبية واحترام سلطة القانون والاستعداد للتضحية في سبيل انقاذ الوطن وخدمة المواطنين والقدرة على تنفيذ برنامج واقعي لحل الأزمات والمشاكل المتفاقمة منذ سنوات طوال”.
وشدد المرجع الشيعي الاعلى على ان ” الطريق الى التأكد من ذلك هو الاطلاع على المسيرة العملية للمرشحين ورؤساء قوائمهم ولا سيما من كان منهم في مواقع المسؤولية في الدورات السابقة لتفادي الوقوع في شباك المخادعين من الفاشلين والفاسدين من المجربين أو غيرهم”.
وتحمل بعض التلميحات الصادرة عن المرجع السيستاني بشأن فشل الاحزاب السياسية وخاصة الشيعية منها في ادارة الدولة والحكم منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003 ، في طياتها ملامح صراع شيعي- شيعي وشيك بعدما عاد السيستاتي بالشيعة لمعارضة مبدأ “ولاية الفقيه” المستورد من ايران.
واشر احتفاظ مرجعية النجف بمسافة واحدة من جميع المشاركين في الانتخابات التشريعية انقساما واضحا في البيت الشيعي لاسيما ان معسكر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي سير في بغداد امس حشود مليونية لتاييد الانتخابات ، اختار الانحياز والتحالف ستراتيجيا مع المرجع السيستاني والفريق الذي يتبعه في مواجهة الفريق الشيعي المدعوم من مرجعية قم ومن المرشد الايراني علي خامنئي الذي يريد بسط هيمنته على المشهد الشيعي او العراقي برمته بمساعدة اذرعه المسلحة التي دخلت مجتمعة في لائحة انتخابية باسم “تحالف الفتح”.
وقال المحلل السياسي عمر عبد الستار مستشار “مركز العراق الجديد للبحوث والدراسات” في تصريح لـ ( الراصد 24 ) ان “مبدأ ( المجرب لايجرب) الذي اطلقه اية الله علي السيستاني وبعض مراجع الشيعة غير الموالين لقم الايرانية، بات فرصة للخروج من عباءة قم لاسيما ان مضمون دعوة النجف لشيعة العراق ان المجرب لايجرب ليس بترك الطبقة السياسية العراقية الموالية لقم فحسب بل بالعودة للدولة الوطنية التي تتبناها النجف بعيدا عن قم”.
واوضح مستشار مركز العراق الجديد للبحوث والدراسات بان “السيستاني يلمح ولايصرح لكن هذه بداية حقيقة لصراع ببن قم والنجف وبذلك عاد السيستاتي بالشيعة لما قبل ١٩٧٩، واما الدور الصدامي الشيعي – الشيعي فيقوده زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر وليس السيستاني” مبينا بان ” السياق يجمع بين زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للنجف ( اول من) امس وخطبة السيستاني والمظاهرة المليونية للصدر اليوم ( امس ) “.
ووسط اجراءات امنية مشددة، تجمع مئات الالاف من العراقيين في مظاهرة شعبية كبيرة دعا اليها الزعيم الشيعي السيد مقتدى الصدر في ساحة التحرير وسط بغداد، لدعم تحالف ” سائرون ” واجراء انتخابات برلمانية شفافة وابعاد “الفاسدين”.
وتلا الشيخ ابراهيم الجابري القيادي في التيار الصدري كلمة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر نيابة عنه بعد ان كان من المقرر حضوره للمظاهرة تضمنت توصيات باهمية “مشاركة الجميع في الانتخابات التشريعية ورفع الاعلام العراقية”، داعيا الى ” الابلاغ فورا وفق الطرق الديمقراطية عن اي خرق او تدخل تقوم به المليشيات او اي حزب لغرض التزوير والحذر من اغراءات الفاسدين او تهديداتهم في يوم الانتخابات وعدم تجريب المجرب فضلا عن اهمية مشاركة المغتربين بالانتخابات”.
ويجرى العراق في 12 ايار ( مايو) رابع انتخابات برلمانية منذ الغزو الامريكي للعراق في 2003، لاختيار 329 عضوا في البرلمان العراقي الذي بدوره ينتخب رئيس الوزراء العراقي ورئيس الجمهورية.

تجمع لانصار " سائرون" في ساحة التحرير ببغداد