بغداد – محمد رحيم ..
إنتشرت شركات الصيرفة بشكل يثير الريبة في أغلب المدن العراقية لتصل الى ٢٠٠٠ شركة في الوقت الذي يعاني فيه البلد من حالة حرب وركود إقتصادي منذ حزيران ٢٠١٤ وحتى الآن، علماً أن تأمينات الشركة الواحدة ٥٥٠ مليون دينار ولا يوجد قانون ينظم عملها.
حيث قال مدير عام مراقبة الصيرفة والإئتمان في البنك المركزي العراقي وليد عيدي، كان في العراق ٣٤٠ شركة صيرفة في عام ٢٠٠٣ بينما الآن ١٩٧٠ شركة صيرفة مجازة و٣٠ قيد الموافقة في البنك المركزي، ومن ضمن نشاطات البنك المركزي هو بيع الدولار عن طريق النافذة الواحدة الى شركات الصيرفة من أجل توفير العملة الأجنبية للمواطن، وتمكن البنك المركزي طيلة الفترة السابقة من القيام بزيارات تفتيشية وتقويمية لهذه شركات الصيرفة ومنع المخالفات ومحاسبة المقصرين في عملهم.
واكد وليد عيدي“أن تأمينات الشركة الواحدة في البنك المركزي تبلغ ٥٥٠ مليون دينار عراقي، وإن البنك المركزي في مزاده للعملة يغطي شركات الصيرفة عبر النافذة الواحدة لمزاد العملة”.
أما رئيس إتحاد الغرف التجارية وغرفة تجارة بغداد جعفر الحمداني، قال: “نظراً للشكاوى الكثيرة والحديث حول تبييض الأموال وغسيلها من قبل شركات الصيرفة التي هي السبب في تذبذب سعر الصرف، قمنا بعقد ملتقى للمختصين وأصحاب هذه الشركات في مقر غرفة تجارة بغداد وخرجنا بنقطتين: الاولى على مجلس النواب تشريع قانون يحمي هذه الشركات وينظم عملها في العراق. والثانية هي تأسيس رابطة للأخذ بنظر الإعتبار إمكانية توجيه هذه الشركات بشكل صحيح والمحافظة على سعر الصرف وبقية التعاملات بين المواطن وهذه الشركات”.
أما بخصوص التحويلات المالية المشبوهة خصوصاً الى المحافظات التي تقع تحت سيطرة داعش، أكد الحمداني “أن من يعمل من رجال الأعمال مع تنظيمات معادية للعراق هو يريد بالعراق شراً، وهناك جهات إقليمية ودولية عملت في السنوات السابقة على جعل إقتصاد العراق غير مستقر، ونحن نعلم أن هناك دواعش في السياسة ودواعش في الإقتصاد وهناك دواعش يفجرون أنفسهم ويقتلون أبناء الشعب العراقي، لكن البلد مخترق ويحتاج الى رقابة ومتابعة من المؤسسات الرقابية والأمنية” و”نحن كغرفة تجارة بغداد نتمنى أن تتوفر لدينا معلومات من الجهات الأمنية عن هؤلاء لكي نمنعهم من دخول السوق العراقي”.
بينما قال عضو مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي “إن دور مجلس محافظة بغداد وفقاً لقانون رقم ٢١ لسنة ٢٠٠٨، لابد أن تكون هناك مراقبة حقيقية على جميع النشاطات الموجودة والمهمة في المحافظة، وشركات الصيرفة هي إحدى النشاطات المهمة الموجودة”.
وأكد الزاملي “أن البنك المركزي يبيع الدولار الى أكثر من ٢٠٠٠ شركة صيرفة ويلزم هذه الشركات على بيع الدولار بسعر ١١٩٥ دينار لكن مع الأسف هذه الشركات تقوم ببيع الدولار الواحد بأكثر من ١٢٥٠ دينار وهذه مجملها أموال تخرج من خزينة البلد ويجب أن توجد رقابة حقيقية على هذه المبالغ، ومجلس محافظة بغداد سيضع ضوابط عمل لمراقبة عمل هذه الشركات بالتنسيق مع البنك المركزي للحفاظ على سعر صرف موحد”.
وأشار الى “أن شركات الصيرفة تعمل بضبابية كبيرة وعملها فيه مشاكل كبيرة ونحن أوضحنا الفرق في سعر الصرف لكن إستغلالهم حاجة المواطن وتحقيق أرباح طائلة وبالنتيجة هي بأكملها أموال مهربة وهذا يحتاج الى ضوابط صارمة من قبل البنك المركزي والحكومة المحلية ويفترض بالبنك المركزي إعداد قاعدة بيانات كاملة للحد من ظاهرة التحويلات المالية المشبوهة لتأثيرها الكبير على الإقتصاد العراقي”.
بينما كان الرأي الأكاديمي يعد البنك المركزي العراقي مقصراً في آلية عمله مع شركات الصيرفة لعدم وضعه ضوابط وتعليمات تحدد أسلوب التعامل، مطالباً بإعادة النظر بالتشريعات القانونية التي تنظم عمل شركات الصيرفة والمصارف الأهلية.
حيث أكد الدكتور هيثم العنبكي أكاديمي متخصص في الشؤون المالية“أن موضوع شركات الصيرفة وأسلوب عملها وأهدافها كان يفترض بالبنك المركزي منذ إعطاء تسجيل هذه الشركات أن تكون واضحة لتكون شيء داعم للسياسة النقدية بالنسبة للعملة الأجنبية وفي أسلوب توزيعها لسد حاجة المستوردين لتكون داعم للمصارف الأهلية والحكومية بتوزيع هذا النقد بشكل أوسع، لكن مشاكلها بدأت تتفاقم لعدم الوضوح في بعض الأحيان في التعليمات والتشريعات التي تأسست بموجبها وبين فترة وأخرى نحتاج الى إعادة النظر بهذه القوانين لكي نتمكن من حل المشاكل لإتاحة فرصة للعمل لهذه الشركات”.
وأشار الى “أن السياسة الإقتصادية بشكل عام تحتاج الى إعادة نظر بتشريعاتها لتكون منسجمة مع التقدم الإقتصادي والتحول الإقتصادي الذي نسعى إليه من إقتصاد منغلق الى إقتصاد مفتوح وتشريعاتنا لا تسمح بهذا التحول”.
أما بخصوص ما كشفه تحقيق إستقصائي عن عمل عدد كبير من شركات الصيرفة والتحويل المالي مع تنظيم داعش الإرهابي، قال العنبكي:”نحن لا نريد أن ندخل في موضوع عملهم مع تنظيم داعش أو غيره، لكننا نقول إنعدام الرقابة وعدم وجود حدود تشريعية تحكم السياسة النقدية بالذات وكل شيء متوقع لأننا بتشريعاتنا الحالية لم نتمكن من الحد من تهريب العملة الى الخارج، والجميع يعلم أن هناك عملة صعبة تخرج من العراق بشكل غير رسمي، فبالتأكيد أين تذهب؟ طبعاً لمشاريع غير قانونية وفيها ضرر على العراق”.
وطالب العنبكي “بإعادة النظر بالتشريعات القانونية التي تحدد عمل شركات الصيرفة والمصارف الأهلية لكي تكون لنا وقفة جديدة مع السياسة النقدية التي يسعى لها البلد الذي حتى الآن يعاني من إنهيار إقتصادي بسبب عدم وضوح السياسة النقدية ونحن كأكاديميين من واجبنا توضيح الخلل للجهات الرقابية والسلطات التشريعية لإعادة النظر به”.